الإعلام.. والتقييس

هاني أحمد الأديمي

خلال 15 عاماً مضت حدثت تغيرات كثيرة في مختلف المجالات وخصوصاً التكنولوجية والوسائط الإعلامية ربما أبرزها تطور الهواتف النقالة التي حولت العالم إلى عالم رقمي، وباتت تمثل أهمية كبرى وأحد الضروريات بالنسبة للأفراد وبات الاستغناء عنها شبه مستحيل.
أشياء كثيرة تطورت وأخرى ظهرت وبشكل متسارع.. فمؤخراً تم إعلان إيقاف صناعة أشرطة الفيديو، ويُتوقع خلال السنوات القليلة القادمة أن يتم إيقاف صناعة الكاسيتات والحاسبات المكتبية.
وفي ظل هذه التغيرات أيضاً ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت تغييراً كبيراً في العالم وأصبحت تهدد وسائل الإعلام التقليدية، كما أنها سميت بالإعلام الجديد.. وقد بدأت بعض الوكالات العالمية بتحويل الصحف الصادرة عنها من مطبوعة إلى إلكترونية لمواكبة العصر واللحاق بركب الجيل التكنولوجي، وأتوقع خلال العشر سنوات القادمة إيقاف طباعة معظم الصحف العالمية والعربية إن لم يكن جميعها.
كثيرون مازالوا يرفضون القراءة الإلكترونية وإيقاف الطباعة ومعظمهم من المنتمين للجيل السابق والذي لم يعرف الإنترنت إلا مؤخراً لكن ذلك لن يؤثر في الجيل الجديد بل بالعكس سيرحبون به كثيراً.
مازال الكتاب محافظاً على حضوره.. وبالرغم من توفر العديد من الكتب الإلكترونية وتطور ذلك في السنوات الأخيرة، إلا أنه لم يصل بعد إلى المرحلة التي تهدد إيقاف طباعته وأتوقع أن يستمر لسنوات عديدة.
الاعلام.. وبناء الوعي
لم تتغير رسالة الإعلام ووظائفه لكن وسائل الإعلام تغيرت وتعددت، وصار من الصعوبة البحث عن إعلام هادف، باستثناء الإعلام الرسمي الذي ما زال يحاول أن يؤدي وظائفه ولو بشكل ضئيل، كما أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي غير مفهوم الإعلام التقليدي وفتح باب النشر والمعرفة للجميع.

دور الاعلام في حماية المستهلك

توظف العديد من الجهات الحكومية والخاصة وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي لخدمة أهدافها ونشر رسالتها والمساهمة في نشر التوعية، ومؤخراً بات التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي واضحاً، وذلك بهدف الانتشار الواسع الذي حققه تلك المواقع، وبالتالي ضمان الوصول إلى المستهدفين.
تجربة جميلة قامت بها وزارة التجارة والاستثمار في المملكة العربية السعودية قبل أكثر من سنة وحققت نجاحاً مميزاً، فقد قامت بتفعيل وتنشيط الدور الرقابي للمستهلك، وأشركته في مكافحة الغش والتضليل التجاري بإتاحة الفرصة له بالرقابة على المنتجات، والإبلاغ عنها، وكذلك فعلت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في إطلاق تطبيق “تأكد” الذي يتيح للمستهلك التحقق من سريان مفعول علامة الجودة وملصقات بطاقة كفاءة الطاقة للمنتجات الكهربائية والمركبات وإطاراتها، والذي حقق خلال شهر واحد (500) ألف مستخدم للتطبيق، وهذا يدل على مستوى الوعي الذي وصل إليه المستهلك واهتمامه بسلامته.

الإعلام والتقييس

في السابق.. غاب الإعلام كثيراً عن التقييس وأهملته معظم القنوات التلفزيونية والصحف حتى أن صحيفة مشهورة قامت -قبل سنوات- بإيقاف صفحتها الوحيدة التي تعنى بالمستهلك وأخرى بالبيئة، ربما بسبب عدم اهتمام الناس وقلة المهتمين بهذا الجانب، أو لأسباب أخرى، لكن الإعلام الجديد فرض نفسه على الجميع واستهدف كافة شرائح المجتمع.
القنوات التلفزيونية اهتمت بالفن والسياسة كثيراً ولم تركز ولو بشكل بسيط على الأمور التي تهم المستهلك، وتحافظ عل صحته وسلامته.
تسعى كثير من أجهزة التقييس إلى المساهمة في نشر التوعية بالتقييس من خلال وسائل متعددة تشمل إصدار الكتب والمجلات والمطويات التوعوية وإقامة الفعاليات، بالإضافة إلى الاستفادة من وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر التوعية، ورغم ذلك ماتزال مكتبة التقييس فقيرة جداً مقارنة بالدور الكبير الذي يقوم به التقييس، والمحتوى الهائل من المعلومات والمعرفة.

*رئيس تحرير مجلة التقييس الخليجي

هاني أحمد الأديمي
Comments (0)
Add Comment