أثر أخطاء القياس المترولوجية على تقييم مطابقة عبوات الأغذية المعبأة مسبقاً

د. عثمان أحمد عثمان محمد

التّطفيف في اللّغة يُقصد به التّعدي، فيقال طَفَّفَ عليه أي أعْطاهُ أقل ممَّا أخذ منْه، وطَفَّفَ المِكيالَ أي بَخَسَهُ، ونَقَصَ منه.

اصطلاحاً يعني طَفّف الكيل إذا قلَّل من نصيب المَكيل له في إيفائه واستيفائه، فالتّطفيف هو تقليل نصيب المكيل له، وزيادة نصيب المكيل إليه. واعتبر أهل العلم أن كل زيادة على المستهلك، أو أخذ لماله بغير حق وإن كانت قليلة فإنها تعتبر من التطفيف.

نهي الدين الإسلامي عن الغش في البيع والتطفيف في المكيال والميزان، ونهى أيضاً عن التدليس، ويعتبر الغذاء مدلساً أي يقع تحت بند التدليس، إذا خالفت مكوناته ما تم توضيحه في بطاقته التعريفية كلياً أو جزئياً، أو إذا خالف المنتج مواصفات الحجم أو الوزن بصورة غير ملفتة للنظر.

الرغبة في الربح السريع تدفع العديد من الشركات والمنتجين والمتعاملين بالمواد والخدمات لاتباع وسائل غير مشروعة للثراء السريع باستخدام أساليب التدليس المختلفة، ومن هنا ظهرت الحاجة لوجود نظم رقابية تتبع السلطات الحكومية لضمان توفير الحماية الضرورية للتاجر والمصنع والمستهلك على حدٍ سواء.

مفهوم مصطلح المترولوجيا

مصطلح المترولوجيا مشتق من الكلمة إليونانية “ميترون” وتعني القياس. ويُقصد أيضاً بعلم القياس (المترولوجيا) بشقيه العملي والنظري، العلم الذي يعين القيمة المقيسة بأي مستوى في أي مجال من مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك وفق تعريف المكتب الدولي للمقاييس والموازين بباريس.

مفهوم مصطلح الرقابة المترولوجية

يقصد بها الرقابة التي تمارس على الأنشطة التي تتعلق بصنع واستيراد وتركيب واستخدام وصيانة وإصلاح أداة قياس ﻭ / ﺃﻭ فيما يتعلق باستخدامها، للتحقق من أدائها ومن أنها تُستخدم على الوجه الصحيح وتتوافق مع القوانين واللوائح الخاصة بالمترولوجيا القانونية.

مفهوم العبوات المعبأة مسبقاً

يقصد بالعبوات المعبأة مسبقاً الوحدة المقدمة للمستهلك وتشمل المُنتج ومواد التغليف التي تم تعبئة المنتج فيها قبل عرضها للبيع ومبيناً عليها كميات إسمية ثابتة مقررة سلفاً للوزن أو الحجم أو القياس الخطي أو المساحة أو العدد، سواء كانت مواد التغليف تحتوي على المنتج بشكل كامل أو جزئي فقط بحيث لا يمكن إجراء أي تعديل على الكمية الفعلية للمنتج بدون فتح العبوة أو تعرضها لتغيير ملحوظ في أي حالة.

ومن أمثلة العبوات المعبأة مسبقاً المكرونة، السكر، الحلاوة الطحينية، البسكويت، الصابون، الشاي، العدس، الأرز، المربى، المياه المعدنية، العصائر، زيت الطعام، وغيرها.

 أخطاء أجهزة القياس وتأثيرها على عبوات الأغذية المعبأة مسبقاً

يقصد بها الأخطاء التي تحدث عند قياس كمية ما بحيث  تكون القيمة المقاسة مختلفة عن القيمة الحقيقية، وقد يكون هذا الاختلاف كبيراً أو صغيراً بسبب عدة عوامل مثل: استخدام جهاز قياس غير معاير أو جهاز  قياس ذو مواصفات متدنية، أو  بسبب تأثير عوامل خارجية على المقياس.

ويتم تقسيم أخطاء القياس إلى:

  1. الخطأ الإجمالي

يتضمن هذا النوع الأخطاء الإنسانية في قراءة واستخدام الأجهزة، وفي تـسجيل وحـساب نتائج القياس. وكثيراً ما تحدث هذه الأخطاء ويمكن توقعها وتجنبها.

ومن أمثلة  هذه الأخطاء أخطـاء عـدم التطابق التي تحدث بسبب الافتقار للخبرة عند قراءة موقع مؤشر بـالنظر إلـى المؤشـر، والتدريج بزاوية معينة بدلاً من أن يكون خط الرؤية والمؤشر والتدريج على  خط مستقيم . هذه الأخطاء لا يمكن معالجتها حسابياً، ولكن يجب تجنبها بالاهتمام والعناية ومعرفة أخـذ القـراءات الصحيحة وتسجيلها بالممارسة والتمرين وعدم الاكتفاء بأخذ قراءة واحدة، بل أخذ ثلاثة قراءات مختلفة على الأقل لنفس الكمية تحت ظروف مختلفة وذلك بإطفاء الجهاز ثم إعادة تشغيله.

  1. الأخطاء الرتيبة

تنقسم الأخطاء الرتيبة عادة إلى مجموعتين هما:

  1. أخطاء الأجهزة

تعتبر هذه الأخطاء متأصلة في أجهزة القياس الميكانيكية المتحركة التـي تتأثر بالاحتكاك وينشأ من ذلك ما يعرف بخطأ الاحتكاك أو عندما يحدث التواء في “اليـاي” المتـصل بأجزاء الدوران أو  بسبب عدم انتظام في تمدد زمبرك نتيجة لسوء استخدام الجهاز مثل تمريـر تيـار أعلى من المسموح به فتؤدي هذه العيوب إلى أخطاء في القراءة تعرف بأخطاء التـشوه.

  1. أخطاء بيئية

الأخطاء البيئية أو الوسطية هي أخطاء المؤثرات الخارجية مثل الآثار الحرارية وأثر الرطوبـة أو الضغط الجوي أو المجالات الكهربية والمغنطيسية على الأجهزة. وهـذه الأخطـاء يمكـن التخلص منها باتخاذ الاحتياطات اللازمة ومعالجة الظروف المحيطة بالأجهزة قبل استخدامها.

  1. الأخطاء العشوائية

هذه الأخطاء لا يعرف أسبابها وتكون موجودة دائماً حتى بعد التخلص من كـل الأخطـاء الرتيبـة وبالرغم من أن الأخطاء العشوائية في التجارب التي يخطط لها تخطيطاً دقيقاً تكون عـادة صـغيرة لكنها ذات أهمية بالغة متى كانت الدقة المطلوبة عالية.

أثر أخطاء القياس على إنتاج العبوات المعبأة مسبقاً

تؤدي أخطاء القياس لتأثير سلبي على العملية الإنتاجية للعبوات المعبأة مسبقاً تتمثل في:

  • ‌أ. ارتفاع تكاليف شراء المواد الخام والمواد غير المباشرة لمدخلات الإنتاج مثل (الوقود، الزيوت وغيرها) بسبب عدم دقة القياس مما ينعكس على أسعار المنتج.
  • إنتاج مُنتج غير مطابق لمواصفات العبوات المعبأة مسبقاً (مخالفة بطاقة البيان) مما يقلل من قدرة المنتج التنافسية ونفاذه للأسواق.

 ختاماً

  1. لا يمكن التخلص من الأخطاء المرتكبة بأجهزة القياس، ولكن يمكن حصرها في أضيق نطاق من أجل الحصول على قياس دقيق لا يؤثر على الكميات الفعلية للعبوات المعبأة مسبقاً.
  2. يتضح أثر أخطاء أدوات القياس والمعايرة الاقتصادي في:

– آثار سالبة على الجهات المنتجة أو المصنعة في حالة حدوث خطأ إيجابي (زيادة في الكمية الفعلية للعبوة) بسبب عدم ضبط ومعايرة أداة القياس.

– آثار سالبة على المستهلك في حالة زيادة الخطأ السلبي عن المدى المسموح به في المواصفات المحددة (نقصان غير مقبول في الكمية الفعلية) بسبب عدم ضبط ومعايرة أداة القياس.

  • تساهم المعايرة الدورية في ضبط أدوات القياس العاملة في الحقل التجاري والصناعي وبضبط تلك الأدوات تتحقق الموثوقية في عبوات الأغذية المعبأة مسبقاً.

 

المصادر

  1. خليفة، ع (1991) معجم المترولوجيا القانونية. دار الخضر للطباعة والنشر، عمان، الأردن.
  2. المواصفة القياسية الدولية (/1-35341993)، إحصاء – مصطلحات ورموز، الجزء 1: الاحتمالات والمصطلحات الإحصائية العامة. جنيف، سويسرا.
  3. م ق أ (2005). كمية المنتج في العبوات المعبأة مسبقاً. مواصفة قياسية أردنية، (1646/2005)، عمان، الأردن.

 

*خبير مواصفات أغذية – الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس

Comments (0)
Add Comment