مواصفات التغليف.. وأزمة كورونا

راشد عيسى*

0 8٬906
اعلان المتجر

لا يخفى على الجميع بأن فايروس كورونا تجاوز حدود أكثر من 185 دولة/منطقة إلى تاريخ كتابة هذا المقال، ولانتشاره تداعيات كبيرة على قطاعات كثيرة وصناعات مختلفة.

وقبل هذه الأزمة كانت الدول والمنظمات الصديقة للبيئة على موعد مهم مع تطبيق حزم من التشريعات والقوانين التي تُعنَى بمنع وتقنين الاستخدام المفرط لمواد التغليف البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد “غير المتكرر” مثل الأكياس البلاستيكية أو مواد التغليف الثانوية عبر منعها بشكل نهائي أو من خلال فرض ضرائب على استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لكن جهود مكافحة ومجابهة فيروس كورونا اعترضت طريق التشريعيات الصديقة للبيئة كون مواجهة هذا الفيروس يتطلب استهلاك موارد بلاستيكية كثيرة ولمرة واحدة فقط كالكمامات والقفازات، ناهيك عن الاستخدام المفرط للمعقمات ومواد التنظيف، بمعنى آخر فإن الوقت ليس بمناسب لإعادة استخدام نفس المواد مثل استخدام أكياس التسوق المخصصة للاستخدام المتكرر حيث ترجح الدراسات احتمالية بقاء الفايروس لساعات وأيام بحسب نوع السطح، مما يعني احتمالية كبيرة لتلوث الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام (كمثال).

ومن المتوقع أن يزداد الطلب على اللدائن البلاستيكية المعروفة في مجال التصنيع مثل: البولي إيثلين والبولي بروبلين على حساب مواد التغليف الورقية أو القماشية، فالرقائق البلاستيكية المستخدمة في التغليف ستساهم في حجب المواد السائلة عن المنتج المخلف على عكس المواد الورقية والقماشية حيث تسمح بطبيعتها لنفاذية السوائل أو الرذاذ، أي بمعنى أخر لا تحمل خاصية الحجب.

هذا من جانب، ومن جانب أخر فالسلوك البشري وأنماط الشراء ستتغير كلياً بعد أزمة الفايروس، إن لم تتغير إبان هذه الأزمة حيث أشارت بيانات شركة أبحاث السوق الأمريكية (IRI)** في الأسبوع الأول من شهر مارس 2020: زيادة الإقبال على اللحوم المعلبة بنسبة تجاوزت 70% في المملكة المتحدة، وكذلك زيادة الإقبال على شراء فاكهة المندرين (اليوسفي) بشكل معلب بنسبة تجاوزت 110% في إيطاليا، وكل هذا يؤكد تنامي الوعي لدى المشتري بأن المنتجات المغلفة قد تكون آمنة وأكثر نظافة إذا ما قورنت بالمنتجات غير المغلفة.

وفي مجالات المواصفات القياسية واللوائح فمن المتوقع جداً التركيز على عناصر التعقيم والنظافة أثناء تعبئة المنتجات الغذائية ومنتجات العناية الصحية والملابس والمواد الملامسة للجسم البشري من جانب، ومن جانب آخر فمن المتوقع أيضاً أن تتغير مواصفات ولوائح التغليف لتحسين خصائص مستويات تغليف الشحن على مستوى سلاسل الإمداد وكذلك الإلزام بالتغليف الثانوي البلاستيكي للمنتجات الاستهلاكية بشكل عام. علاوة على ذلك فمن المرجح جداً تأجيل المصادقة على التشريعات الصديقة للبيئة المتعلقة بمنع المواد البلاستيكية المخصصة للاستخدام الواحد.

أما إذا امتدت الأزمة على نطاق أوسع، فإن مواصفات ولوائح التغليف والبيانات الإيضاحية الخاصة بتعبئة المنتجات ستخضع لشروط الجائحة، بحيث يلزم الصانع أو المستورد بالإيضاح عن خطوات تنظيف أو تعقيم المنتج قبل الاستخدام، وكذلك ربما سيلزم الصانع بتغليف الأمان (تغليف الحماية من الفتح) لبعض المنتجات الغذائية ومنتجات العناية بالصحة والجسم.

والخلاصة، إن السلوك البشري الناتج عن التعامل مع هذه الجائحة سيرسم الخطوط العريضة للمواصفات واللوائح الفنية الخاصة بتغليف المنتجات وأن مستوى التغيّر فيها مرهون بامتداد أزمة كورونا، سائلين المولى جل وعلا أن يحفظ بلادنا وخليجنا وقادتنا من كل سوء ومكروه وأدام الله علينا نعمة الأمن والأمان.

*مشرف تطبيق المواصفات – وزارة الصناعة والتجارة والسياحة – مملكة البحرين

** IRI POS Data Week Ending March 8, 2020 vs. Year Ago.

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.