يستشعر المختصون في تجارة السيارات وتفاصيلها صعوبة الاعتماد على المركبات الكهربائية أو الهجينة في أسواق دول الخليج العربية، نظراً لوجود اختلافات في اهتمامات مواطني تلك الدول.
ويرى هؤلاء أن الاعتماد على تلك المركبات مستقبلاً يتطلب تأهيل بعض المختصين بالصيانة ومتابعة الشؤون الفنية لهذه النوعية من السيارات الآخذة بالانتشار على الصعيد العالمي نظراً لاقتصادها في استهلاك موارد الطاقة. ويعتقد البعض أن الثمن الزهيد لبنزين السيارات في دول الخليج المنتجة للنفط، يسهم في تقليل اهتمام رواد المركبات بالنوعية التي تعتمد على الكهرباء أو السيارات الهجين (كهرباء وبنزين).
لم يعد المناخ الحار عائقاً أمامها
بحسب توقعات لبعض تجار السيارات، فإن ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الخليج العربي قد لا تفضي للإقبال الكبير على السيارات الكهربائية أو الهجين، خاصة أن سيارات الدفع الرباعي والتي تعتبر الأكثر رواجاً تتناسب مع طبيعة الطقس الموجود في المنطقة. إلا أن تلك التوقعات دحضتها تكنولوجيا تصنيع السيارات الكهربائية، إذ لم يعد المناخ الحار عائقاً أمام دخولها إلى أسواق دول مجلس التعاون، بعد أن باتت تكنولوجيا تصنيع الأنواع المتعددة منها مواكبة لظروف الطقس القاسية، وخاصة بعد تطوير البطاريات التي يمكن شحنها ذاتياً بالنسبة للسيارات الهجينة، وأخرى كهربائية بالكامل يمكن إعادة شحنها عبر محطات باتت عملية بناءها أكثر سهولة، وأقل تأثراً بارتفاع درجة الحرارة.
نظام متكامل للسيارات الكهربائية
دولة الإمارات العربية المتحدة دخلت في هذا المضمار وبقوة إذ تم وضع القوانين الخاصة بمكافحة التلوث، كما تم توفير المنشآت المعنية بسلامة البيئة، وفي هذا الإطار تأتي أهمية دور السيارات وعوادمها في تلوث البيئة، فكان الاهتمام بتوفير سيارات صديقة للبيئة منها السيارة الصديقة للبيئة التي أدخلتها شرطة أبوظبي في الخدمة، ومثل ذلك في دبي حيث أدخلت بلدية دبي في الخدمة 20 سيارة صديقة للبيئة، وفي الشارقة تم افتتاح محطات لشحن السيارات الكهربائية دعماً للممارسات البيئية، بينما ذهبت دائرة البلدية والتخطيط في عجمان إلى إعفاء السيارات الصديقة للبيئة من رسوم المواقف المدفوعة الأجر، كذلك اهتمت بقية مدن الإمارات بتعزيز مفهوم الثقافة البيئية من خلال توفيرها لسيارات صديقات للبيئة.
إلى ذلك أكدت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس أنها أعدت في عام 2016م معايير نظام متكامل للسيارات الكهربائية، ويعد هذا النظام بحسب ما أكدته الهيئة بأنه الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذا النظام سيحفز على نشر استخدام السيارات الكهربائية وذلك مع تطبيق معايير معينة تتعلق بأداء البطارية، التي كانت تعد من أبرز التحديات التي تواجه الإقبال على السيارات الكهربائية، وتضمن النظام متطلبات خاصة تتناسب مع استخدام تلك السيارات في الأجواء الحارة ومواصفات شاملة تتعلق باشتراطات الجودة والسلامة للسيارات الكهربائية، ووضع معايير مخصصة لمحطات شحن تلك السيارات والبطاريات المستخدمة فيها.
تحديث اللائحة الفنية السعودية
المملكة العربية السعودية عملت على مواكبة التوجه العالمي في الاعتماد على الاقتصاديات الصديقة البيئة، هذا ما أكده نائب محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة للمواصفات والمختبرات المهندس عبد الله بن عوض القحطاني لدى افتتاحه ورشة عمل عن السيارات الكهربائية والهجين بمدينة الرياض وبمشاركة ستة ممثلين لكبرى الشركات العالمية المصنعة للسيارات، وقال بأنه لامجال أمام المملكة سوى المشاركة وبقوة لتفعيل وتعزيز بحث الآليات الفنية الخاصة بالسيارات الكهربائية والهجين مع الجهات ذات العلاقة. مضيفاً بان الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة قامت بتحديث اللائحة الفنية السعودية الخاصة بالسيارات الكهربائية والهجين، حيث تضمّنت اللائحة العديد من المتطلبات الخاصة بها، وجارٍ تحديث بقية اللوائح لتتضمن هذه النوعية من السيارات.
من جانب آخر كشف سعادة المهندس سعود العسكر نائب محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة للمطابقة والجودة، بأن الهيئة انتهت أخيراً من إعداد اللائحة الفنية للسيارات الكهربائية، بعد التحول العالمي الملحوظ لهذه السيارات، والمطالبات الكثيرة التي تلقتها الهيئة من وكالات السيارات والمؤسسات والأفراد، مشيراً إلى أن الهيئة استرشدت ببعض الممارسات الدولية وخاصة الأوروبية، بالإضافة إلى تجربة دولة الإمارات التي كان لها السبق خليجياً في وضع لائحة بهذا الخصوص.
وأكد العسكر في حديث صحفي أنه بات بالإمكان استيراد سيارات كهربائية من الخارج وفق المواصفات القياسية المحددة والتي زودت بها المصلحة العامة للجمارك، مشيراً إلى استعداد اثنتين من الوكالات الاستيراد على نطاق واسع لهذه السيارات من الخارج بعد أن تخطتا اشتراطات اللائحة، فيما تعمل بقية الوكالات على استيفاء الاشتراطات المطلوبة للبدء في الاستيراد.
إشكاليات متعددة
وفي استطلاع لصحيفة العرب القطرية أكد عدد من المهتمين ووكلاء السيارات أن قبول دخول المركبات الكهربائية «الهجينة» للسوق القطرية يحتاج لبعض الوقت بسبب الطقس الحار الذي يتطلب نوعيات معينة من السيارات. مشيرين إلى أن هناك عدد من الصعوبات التي يمكن أن تواجه هذا النوع من السيارات منها الأيدي العاملة المدربة على الصيانة والفنيون المرتبطون بالسيارات التي تعمل بالكهرباء والبنزين في الوقت نفسه، وبالتالي فهي تحتاج إلى عمالة متخصصة غير الموجودة في السوق حالياً، مضيفين بأن السيارات الكهربائية ستتسبب في عدد من الإشكاليات حال وجودها في قطر أو دول الخليج، منها على سبيل المثال موضوع قطاع الغيار وغيره.
مواكبة المتغيرات
هيئة التقييس لدول الخليج العربية تواصل بذل جهودها الحثيثة لتطوير وتحديث خدماتها، في جميع المجالات الخدمية والسلعية التي تهم المستهلك الخليجي، وتماشياً مع المتغيرات المتسارعة والمتطورة في مجال صناعة السيارات بشكل عام، وفي ظل التحول العالمي للاهتمام بصناعة السيارات التي تعمل بالكهرباء أو الهجين، والتي تتطلب مواكبتها الإحاطة بالمواصفات والمعارف والبنى التحتية الداعمة لها، وفيما يخص السيارات الكهربائية وافق المجلس الفني لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون في اجتماعه الثامن والثلاثين على توصيات الدراسة التي قامت بها الأمانة العامة للهيئة والمتعلقة بالمتطلبات الخاصة بالسيارات الكهربائية، وحث الدول الأعضاء على استكمال المتطلبات الخاصة بها لتقدم كمنظومة متكاملة.
وكانت اللجنة الفنية الخليجية للمركبات والإطارات قد أعدّت في وقت سابق مسودة مشروع لائحة فنية للسيارات الكهربائية تضمنت أهم المتطلبات الفنية، وتم توزيعه على الشركات الصانعة لإبداء الري عليه، كذلك قامت هيئة التقييس الخليجية بإعداد وإصدار شهادات المطابقة الخليجية للسيارات الهجين ليتم السماح لهذه النوعية من السيارات بالدخول لأسواق دول الخليج.
كما نظمت هيئة التقييس الخليجية بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة والسياحة ممثلة بإدارة المواصفات ورشة عمل متخصصة بالسيارات الكهربائية، تطرقت الورشة إلى عدد من القضايا ذات الصلة بصناعة السيارات الكهربائية والمتطلبات التي تواكب هذا التحول من مواصفات واشتراطات فنية وغيرها بما يخدم مصلحة المستهلك الخليجي.
مؤخراً وفي ذات السياق عقدت هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اجتماعًا مع اتحاد مصنِّعي السيارات اليابانية JAMA لمناقشة مستقبل طرح المركبات الكهربائية في أسواق الدول الأعضاء، استعرض مستقبل طرح المركبات الكهربائية في أسواق دول مجلس التعاون، ومشاريع اللوائح الفنية الخليجية لمتطلبات السلامة الخاصة بها والبنية التحتية اللازمة لها، كما تم التطرق للمركبات الأخرى الصديقة للبيئة مثل السيارات التي تعمل بالهيدروجين.
وفي الاجتماع أكدت الهيئة على أهمية ملاءمة المركبات للظروف الجوية في الدول الأعضاء، والتركيز على نواحي سلامة قيادة هذه النوعية من المركبات ومتطلبات الصيانة الخاصة بها، كما أكَّدت على استدعاء السيارات التي يتم اكتشاف عيوب تصنيعية بها، ومتابعة جميع الإجراءات التي تضمن سلامة مستخدميها وإصلاح الخلل بها دون أن يتحمل المستهلك أية تكاليف إضافية، حيث تم مؤخراً إصدار المشروع النهائي للائحة الفنية الخليجية للسيارات الكهربائية والذي سيرفع قريباً للاعتماد، وبناءً على ذلك سيتم إضافة السيارات الكهربائية لنظام شهادات المطابقة الخليجية.
كما أكدت على أهمية وضع الأنظمة الوطنية التي تحقق سلامة تدوير بطاريات تخزين الطاقة والطريقة المثلى للتخلص منها دون تأثير سلبي على البيئة.