تعريف
تباينت تعريفات المنظمات ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لكنها تتفق جميعاً على أن إطلاق هذه التسمية مرتبط بانخفاض نسبة العاملين فيها، حيث تعرف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” المنشآت الصغيرة بأنها “تلك المشروعات التي يديرها مالك واحد ويتكفل بكامل المسئولية بأبعادها الاستراتيجية التكتيكية كما يتراوح عدد العاملين فيها مابين10-50 عاملاً”. أما مجلس الغرف السعودية فيعرفها “بأنها المشروعات التي لا يزيد عدد العاملين فيها عن 20 عاملاً ويقدر حجم راس المال فيها بأقل من مليون ريال دون الأرض والمباني ولا تزيد مبيعاتها السنوية عن 5 ملايين ريال”.
قصص نجاح
بالأفكار النيرة والطموح والإرادة والاجتهاد والتخطيط والإدارة الحكيمة بادر كثيراً من الرواد إلى تأسيس شركاتهم من الصفر كمشاريع صغيرة، وهناك الكثير من قصص النجاح التي بدأ أصحابها من أشياء بسيطة لتتحول فيما بعد إلى شركات تجارية عملاقة خلدت أسماء كبيرة حتى اليوم.
من بائع عصير إلى فنادق ماريوت
كان الشاب جون يبيع عصير الليمون البارد في الكابيتول هيل بواشنطن دي سي، وبعد سنوات قليلة افتتح مطعماً صغيراً لتقديم طعام ساخن بنكهة شهية. وبعد نجاح مطعمه افتتح آخر.
وكان يتقاسم أرباح المطعم مع العاملين فيه. حتى ظن البعض أن جون يخسر؛ لأنه يوزع أسهمه على موظفيه بإسراف لكنه كان يكسب. كسب اسما لامعاً وموظفين لافتين قادوه إلى نجاح هائل. هذا النجاح دفعه لافتتاح أول فندق باسمه في الثلاثينات (ماريوت) لتصبح اسم عائلته (ماريوت) الذي اختاره اسما لفنادقه ومنتجعاته واحداً من أشهر العلامات التجارية في العالم.
حمال وبائع للخردوات
دخل الشيخ صالح الراجحي في الأربعينات الميلادية دنيا المال والأعمال كحمال وتاجر للخردة، ( كما ذكر الدكتور نبيل محمد شلبي في كتابه ابدأ مشروعك الصغير… ولا تتردد) ففي الصباح حمال بأجرة بسيطة، وبائع للخردوات بعد العصر. وقال الراجحي “كنت أعمل في الصباح والمساء وأبيع وأشتري في أعمال بسيطة كبيع المفاتيح والأقفال وبعض الخردوات” وقاده بيعه للأقفال والمفاتيح إلى الإمساك بمفاتيح أحد أكبر الخزائن والبنوك في السعودية. ويضيف “كنت أشقى في بحثي عن لقمة العيش منذ ولادتي في البكيرية”. أما عن بدايته مع الصرافة والبنوك فيقول “أنني كنت أجلس في إحدى الساحات في الرياض قديماً وأبسط لأقوم بصرف النقود للناس (تغيير العملة) بعد أن اتجهت إليها وكان الناس يتهافتون علي للصرافة البسيطة جدا. بعد ذلك افتتح أول مكان للصرافة عام 1366هـ ومنها انطلقت مجموعة الراجحي التجارية التي أصبحت الآن إمبراطورية مالية.
تساهم في دعم الاقتصاد وتخفف من البطالة
يرى خبراء التنمية الاقتصادية بأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة إحدى القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام كبير من قبل دول العالم والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، والباحثين في ظل التغيرات والتحولات الاقتصادية العالمية، وذلك بسبب دورها المحوري في الإنتاج والتشغيل وإدرار الدخل والابتكار والتقدم التكنولوجي علاوة على دورها في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لجميع الدول. إذ تلعب تلك المشاريع دوراً مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على تنشيط الحركة التجارية والتخفيف من البطالة، وأيضاً لدورها الفاعل في زيادة الإنتاج، ومعدلات النمو الاقتصادي.
وقال خبراء التنمية بأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تقوم بدور رئيسي في توفر فرص العمل، وتساهم بنصيب كبير في إجمالي القيمة المضافة وقيامها بتوفير السلع والخدمات وبأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود، ولها القدرة على تدعيم التجديد والابتكار وإجراء التجارب التي تعتبر أساسية للتغيير الهيكلي من خلال ظهور مجموعة من رواد الأعمال ذوي الكفاءة والطموح والنشاط. كما تُعتبر الأداة الأكثر قدرة على القضاء على ظاهرة البطالة والفقر في المجتمع.
مضيفين بأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تساهم في دعم الاقتصاد من خلال تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية، كما تعمل على تحقيق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية والتوازن في عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتساهم كذلك في تطوير المهارات، إضافة إلى أنها تعتبر نواة لمشاريع كبيرة.
قصور مصادر التمويل
الكاتب الصحفي عبدالله عطية الخرماني يقول بأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل محور اهتمام السياسات الصناعية الهادفة إلى تخفيض معدلات البطالة في الدول النامية والدول المتقدمة صناعياً بصرف النظر عن فلسفاتها الاقتصادية وأسلوب إدارة اقتصادها الوطني.
مشيراً إلى أن معوقات المشاريع الصغيرة والمتوسطة تكاد تتطابق في كل دول العالم، ولعل أبرز ما وجد كعائق للمشروعات الصغيرة هو قصور مصادر التمويل وعدم توفر المقومات الجيدة للبنية الأساسية اللازمة لدعم تطوير المنشآت الصغيرة وافتقاد عنصر الثقة في القائمين على المشروع الصغير ومحاولة الجمع بين العمل الخاص والوظيفة الحكومية وتسليم المشروع إلى إيادي عاملة لا يهمها استمرار المشروع وديمومته بقدر اهتمامها بالربح السريع والذي قد يؤدي إلى فشل المشروع وفقد الثقة به وبجودته. مطالباً بإيجاد تشريعات داعمة لهذا النوع من الاقتصاد وتسهيل إجراءات بدء الاستثمار والدخول إلى مضمار المشاريع الصغيرة.
البنوك الخليجية أسهمت بدور فاعل في التنمية
الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحيم حسن نقي قال أنه توجد ضرورة لإعادة النظر في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بدول المجلس، وتقديم مزيد من التسهيلات والحوافز لها، حتى تتمكن من ممارسة دورها في برامج التنمية الاقتصادية، مشيراً إلى أن هذه المنشآت تشكل عنصراً مسانداً للشركات الخليجية الكبيرة التي تتولى تنفيذ البرامج التنموية.
وأكد أمين عام الاتحاد بأن نجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعني بأن البنوك الخليجية ستتوسع في عمليات الإقراض والتمويل، بالتالي تحقيق أرباح مجزية. وبين في تعليقه على تقرير اقتصادي أصدرته أمانة الاتحاد أن البنوك الخليجية أسهمت بدور فاعل في برامج التنمية الاقتصادية في دول المجلس من خلال توفير السيولة اللازمة لذلك، مشدداً على ضرورة التزام رواد الأعمال بابتكار الأفكار المثمرة والمبنية على دراسات جدوى اقتصادية مُحكمة ذات العوائد الجيدة دون أن تكون محفوفة بالمخاطر حتى تكون قادرة على إقناع البنوك الخليجية بتوفير التمويل اللازم لها دون تردد.
إنشاء مركز لخدمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة
نبيل بن أمين ملا الأمين العام لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون قال أن التعاون بين الهيئة والجهات المعنية في القطاع الخاص يساهم في مشاركة القطاع الصناعي بشكل فعال في تطوير المواصفات القياسية الخليجية والدولية على حدٍ سواء مما يضمن تلبية المواصفات القياسية الخليجية لاحتياجات الصناعة الخليجية. موكداً بأن الهيئة لن تدخر جهداً في دعم المستثمرين ورجال الأعمال قبل البدء في مشاريعهم الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وذلك من خلال تعريفهم بأهم المواصفات والمقاييس التي تخدم القطاع الصناعي مما ينعكس بشكل إيجابي على منتجاتهم الصناعية.
واضاف مُلا إنه تم إنشاء مركز لخدمة الصناعة في الهيئة يساعد على اختيار الصناعات التي يمكن الاستفادة منها في التصدير إلى الدول الأخرى، ويركز على خدمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك عبر تقديم الدراسات والتحاليل وكل ما يخص أنشطة التقييس، لضمان استمرارية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتكاملها مع المنشآت الصناعية الكبرى.