يسخر البعض من كبار السن الذين يمرون قبل وقت النوم على غرف منازلهم للتأكد من إطفاء الأنوار وبعض الأجهزة الكهربائية ويتهمونهم بالبخل، وقد تحولت تلك السخرية إلى ”نكت” وأمثلة تتداول بين الناس.
يحدث كثيراً أن يتعود الناس على فعلٍ خطأ فيمارسونه لوقت طويل، ويتناسون الفعل الصحيح حتى إذا جاءهم أحد به سخروا منه.
بات الجميع لا يلقي اهتماماً لكثير من الممارسات الخاطئة التي تحدث مؤخراً. فترشيد الاستهلاك للكهرباء وغيرها ليست وظيفةٌ لكبار السن أو الحريصين على أموالهم فقط، وإنما هي أمر واجب على الجميع، ومن المهم والضروري أن يصبح الترشيد ثقافة لدى جميع الناس.
وكلمة ”ترشيد” لا تعني التقليل أو التقتير وإنما الاستفادة من الخدمة بما يكفيك دون الإسراف، وجاءت الكلمة من الرشد والرشاد وهو الطريق الوسط. وترشيد استهلاك الطاقة لا يعنى منع استهلاكها بقدر ما يعنى استخدامها بأسلوب صحيح بما يحد من إهدارها، كما أنها تُعرَّف بمجموعة من الإجراءات أو التقنيات التي تؤدى إلى خفض الاستهلاك دون المساس براحة الافراد أو إنتاجيتهم، واستخدام الطاقة عند الحاجة الحقيقية لها.
ويختصر علينا كثير من الشرح والتعبير قول الله تعالى: ”والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يَقْتُروا وكان بين ذلك قواما” صدق الله العظيم.
والقوام هو الترشيد، وهو المنهج الإلهي في مفهوم ترشيد الإنفاق ويأتي بين مفهومي الإسراف والتقتير، وينطبق هذا المفهوم على بيوتنا ومؤسساتنا وحتى على ذواتنا في الكثير من الأمور.
ومن كل ما سبق يتضح لنا بأن الأمر ليس تحفيز على تقليل ما نفعل أو نستخدم ولكن التركيز على الاستخدام للحاجة فقط دون الإسراف.
تساؤل أخير.
ربما تكون أنت واحد ممن يحرص على إطفاء النور أو جهاز التكييف في منزله عند عدم الحاجة إليه أو من رواد الترشيد ولكن.. هل تفعل ذلك حين تكون في فندق؟!.. أو في مكان عملك؟!.. أو في ”استراحة” استأجرتها مع عائلتك للترفيه؟
حين يصبح الترشيد ثقافة لدى الجميع فلن يكون هناك فرق بين المنزل ومكان العمل.. وبين المنزل والفندق.. وبين الفندق في الوطن والفندق خارج الوطن؟
*رئيس تحرير مجلة التقييس الخليجي