يرجع الكثير من ذوي الاختصاص والجهات ذات العلاقة أسباب انتشار حوادث المركبات وخصوصاً السيارات إلى السرعة الزائدة، وهذا أمر يتفق عليه الجميع، ولكن لا يجب تجاهل حقيقة أخرى لها دور رئيسي في الكثير من حوادث المركبات تتمثل بانفجار الإطارات أثناء السير نتيجة لأمور كثيرة.
تتسبب الإطارات المستعملة أو غير المطابقة للمواصفات القياسية بوقوع الكثير من الحوادث، والحرص على سلامة إطارات المركبات بمختلف أنواعها واقتناء الإطارات الجديدة ذات الجودة العالية أو المواصفات المناسبة يشكل واحداً من العوامل المهمة والرئيسية في قائمة عوامل الأمان والسلامة للسائقين والأفراد الموجودين معهم، وعلى العكس فإن استخدام الإطارات المستعملة والمغشوشة والمقلدة خطراً يهدد حياة الإنسان، فبالرغم من تحذير الجهات المعنية من استخدامها وسن قوانين صارمة للقضاء عليها، الا أنها لا تزال تشكل تجارة رابحة للكثيرين نظراً للإقبال عليها من ذوي الدخل المحدود.
وللوقوف على هذه المشكلة أجرت مجلة التقييس الخليجي استطلاعاً ميدانياً وخرجت بالحصيلة التالية:
أفضل شراء الجديدة
عدد كبير من ضحايا إطارات المركبات لم يكونوا يتوقعون وهم يغادرون منازلهم، أنهم لن يعودوا إلا محمولين على الأكتاف، بسبب انفجار غير متوقع في أحد إطارات مركباتهم.
سليمان الهبوب أكد إنه اشترى إطاراً مستخدماً ذات مرة، لكنه انفجر بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تركيبه وبفضل الله لم يتسبب بأي أضرار، مضيفاً أنها المرة الأخيرة التي يشتري فيها إطاراً مستعملاً حتى لا يعرض حياته للخطر.
الأرخص سعراً
يقول محمد سعيد الخامري أحد العاملين في محل بنشر وبيع الإطارات إن كثير من المستهلكين يتجهون لشراء الإطارات المستخدمة باعتبارها الأرخص سعراً، ولعدم توفر الجديدة في بعض الأحيان إلا عند الوكيل وبأسعار مرتفعة، ويشير إلى أن كثير من المستهلكين يفضلون شراء الإطارات المستعملة خصوصا التي يتم شراؤها من سيارات معطلة بسبب تعرضها لحادث أو التي يتم تغيرها وهي مازالت في حالة جيدة وقابله للاستخدام، مع علمهم بأنها لن تدوم طويلا مقارنة بالجديدة.
وعند سؤاله عما إذا كانت هذه الإطارات قد انتهى عمرها الافتراضي، رد الخامري بقوله بأن هناك إطارات مستعملة تصل إلى مستوى الجديد أو التي مازال علامات نقشها موجودة، وهذا النوع يزداد الإقبال عليه. لكنه يرى بأن الإطارات التي تنفجر وتتسبب بوقوع حوادث هي التي قد تكون شارفت علامات نقشها على الانتهاء أو المقلدة أو المعاد تصنيعها.
كانت لنا نقطة تنبيه هنا بأنه حتى ولو كانت الإطارات ماتزال تحافظ على شكلها الأصلي ومضى عليها أكثر من عامين فهي تعد منتهية الصلاحية وينصح بعدم استخدامها وأضف إلى ذلك بأنها مرت بالتأكيد بظروف تخزين سيئة.
وعي المستهلك
منير مصطفى (موظف) يقول بأن هناك تجار وعاملون في محال بيع الإطارات يستغلون عدم معرفة قطاع عريض من المجتمع بمواصفات الإطارات وعدم قدرتهم على التفريق بين الجديد والمعاد التصنيع أو المغشوش، ولا يهتمون بالمخاطر التي قد تنتج جراء تركيب إطارات مغشوشة أو مقلدة، بقدر اهتمامهم بما يجنونه من أرباح مادية، مضيفاً بأن وعي المستهلك وحرصه على أهمية الشروط الواجب توافرها في الإطار وقراءة بياناته سيحد من تعرضه لمواقف الغش أو الاستغلال، وطالب منير الجهات المعنية بمعاقبة المحال التي تتداول بيع هذه الإطارات وتشديد الرقابة عليها، وإيجاد حد لانتشارها.
حظر بيع الإطارات المستعملة
للجهات التشريعية والرقابية والقانونية دور كبير ومهم في وضع حد لانتشار الإطارات المستعملة والمغشوشة، وعلى سبيل المثال وضعت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس قبل عدة أعوام لائحة فنية معتمدة لإطارات المركبات الخفيفة والثقيلة، حيث نصت المادة الثانية من اللائحة على منع استيراد كافة الإطارات المستعملة أو الملبسة (المجددة) إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبموجب هذه اللائحة حظرت إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الإماراتية بيع الإطارات المستعملة وأخطرت محلات البيع بذلك لخطورتها الشديدة على حياة السائقين.
وتطبق هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس حالياً لائحة جديدة تشدد على منع استخدام إطارات جميع المركبات التي يتجاوز عمرها الافتراضي خمس سنوات سواء خلال الاستخدام أو حتى في المخازن وفقاً للمعايير الجديدة الخاصة بالمتطلبات الإلزامية لإطارات السيارات الجديدة والملبسة.
قرار بمنع الاستيراد
المهندسة نائلة القباطي مدير إدارة ضبط المنتجات والسلع الصناعية بالهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة قالت بأن المواصفة القياسية اليمنية رقم 551 لسنة 2003م الخاصة بإطارات المركبات نصت (في جزئية منها) على أن تكون الإطارات خالية من الشروخ والقطوع الظاهرية وأي أجسام غريبة في المواطئ أو في الحائط الجانبي للإطار وخالية من أي تلوث بزيوت معدنية، وألا تقل مقاومة شد مطاط الموطئ عن 102 كغ / مم2 من مقاومة الشد. وعلى ضوء شروط هذه المواصفة القياسية يتم السماح بدخول الإطارات إلى السوق اليمنية، وفيما يخص الإطارات المستعملة، إشارات القباطي إلى أن الهيئة ومنذ إنشائها أصدرت قرار بمنع استيراد الإطارات المستخدمة بكافة أنواعها.
وعند مواجهتها بأن محلات البنشر وبيع الإطارات مليئة بالمستعمل، أرجعت القباطي أسباب ذلك إلى ما قد يتم تداوله داخلياً، أو ما يأتي عن طريق التهريب، محملةً جهات رقابية لم تسميها مسئولية انتشار الإطارات المستعلمة والمقلدة في السوق.
تتسرب بين الإطارات الجديدة
اللواء خالد القحطاني قائد القوات الخاصة لأمن الطرق في المملكة العربية السعودية قال في تصريح له بأن الإطارات المستعملة لا تدخل إلى المملكة، حيث يتم التنسيق مع الجهات المعنية ومنها الجمارك التي تمنع دخول الإطارات المجددة والمستعملة وترفضها مباشرة عند وصولها للجمرك، لكنه قد يحصل تسرب لها بين الإطارات الجديدة، إلا أن أغلب ما يتم تداوله من إطارات مستعملة هو بسبب الراجع الموجود في السوق، حيث يكون لدى المشتري قناعة بأنه جيد وقابل للاستخدام، فمشكلة بعض المستهلكين أنهم يبحثون عن المستعمل بسبب رخص أسعارها. مضيفًا بأن هناك إطارات منتهية الصلاحية وموجودة في الأسواق وتعتبر من أهم العوامل التي تساهم في وقوع الحوادث، مشيراً إلى أن أمن الطرق يكشف عن السبب كجزء من معاينة الحادث، وإذا كان السبب من الإطار نأخذ منه عينة ويتم فحصها لمعرفة ما إذا كان الإطار مستعملاً أو مقلداً أو مغشوشاً.
حملات لضبطها في الطرقات
المقدم جمال سالم العامري، رئيس قسم العلاقات العامة بمديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، أكد على أهمية تضافر الجهود للوصول إلى أعلى درجات التوعية بأهمية عدم استخدام الإطارات المغشوشة والمستعملة التي تتسبب في العديد من الحوادث.
وشدد العامري على عدم انسياق أصحاب المركبات وراء رخص الأسعار، والاعتماد على المحال التي تبيع الإطارات ذات الجودة العالية والمطابقة للمواصفات القياسية واللوائح الفنية الصادرة عن الجهات المعنية.
وأعرب العامري عن استيائه من انتشار الإطارات المغشوشة والمقلدة والمستعملة، بالرغم من الحملات التي تقوم بها إدارات المرور لضبطها في الطرقات، محملاً المسؤولية لسائقي المركبات الذين لديهم الحرية في اختيار الجيد من السيئ. وبين العامري أن قانون السير والمرور الاتحادي يتضمن قانون مخالفة عدم صلاحية إطارات المركبة أثناء السير.
معاد تصنيعه
أجمع عدد من مسئولي جمعيات حماية المستهلك على أن عدم كتابة عبارة (معاد تصنيعه) من قبل المصانع المحلية لإعادة تصنيع الإطارات على الغلاف الخارجي للإطار يُعد أمر خطير ويرقى إلى مستوى الجريمة نتيجة لما يسببه من حوادث. داعين المستهلكين إلى عدم شراء الإطارات من محلات البنشر أو التي تكون رخيصة الثمن كونه قد تكون معادة التصنيع أو مقلدة ومستعملة أو غير مخزنة بطريقة سليمة ما يؤثر على جودتها ويجعلها عرضة للانفجار أثناء سير المركبة.
الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة
شددت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وفي وقت سابق على ضرورة انتقاء الإطارات المناسبة للمركبات، ونبهت إلى ضرورة توخي الحذر أثناء شراء الإطارات، كاشفة عن 8 إجراءات احترازية من شأنها الحد من مخاطر انفجارات إطارات المركبات صيفاً.
ووفقا للهيئة فإن 11 اختباراً كافية للتأكد من مطابقة الإطارات للمواصفات القياسية المعمول بها محلياً والتي تمنح المنتج صلاحية الاستخدام كونه مناسباً للظروف المناخية محلياً.
وأبرزت الهيئة العوامل التي يجب على المستهلك وضعها في الحسبان عند شراء إطارات السيارات, قائلة «يجب التأكد من ثبات الإطار، حيث إن الإطار الجيد يعطي الثبات للسيارة أثناء سيرها على الطريق بكل أنواع التضاريس التي من الممكن أن تمر بها بطريقة مفاجئة، بحيث تقلل من الانزلاق وتعمل على تأقلم السيارة وأنظمتها»، مشيرة إلى أن الحرارة العالية هي أكبر مشكلة يواجهها الوطن العربي والخليج بشكل خاص، موضحة بأن «الحرارة تؤدي إلى تمزق أطراف الإطار وجوانبه وتجعله ناعم الملمس على الطريق مما يؤدي إلى انزلاقه أو انفجار الإطار، ومن هنا يجب الحرص على اختيار الإطار الأعلى قدرة على تحمل الظروف المناخية».
وفي تصريح له في وقت سابق أوضح طامس بن علي الحمادي المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة أن الهيئة أصدرت 102 لائحة فنية و500 مواصفة قياسية سعودية في مجال المركبات بشكل عام، منها 200 مواصفة قياسية خاصة بالسيارات، وكان نصيب مواصفات الإطارات منها 24 مواصفة قياسية، موزعة على (19) مواصفة قياسية سعودية للإطارات و(5) مواصفات للجنوط.
وكشف أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على استكمال بنيتها التحتية والفنية لإنشاء مختبر متخصص لاختبارات الإطارات، مشيراً إلى أن الإطار يخضع لنحو 11 اختباراً للتأكد من مطابقته للمواصفة القياسية من عدمها.
ونوّه الحمـادي إلى أن المواصفة القياسية السعودية 1995/1066م حددت اشتراطات تخزين إطارات السيارات، وأن يقوم البائع- الوكيل أو الموزع- بإعطاء المستهلك وثيقة ضمان للإطار أو الإطارات على ألا تقل مدة سريانها عن ستة أشهر من تاريخ البيع، مع التركيز على تهيئة الظروف المناسبة للتخزين من الإضاءة المناسبة وترتيب الإطارات بشكل جيد لا يؤثر عليها سلبياً.
هيئة التقييس لدول مجلس التعاون
تشترط هيئة التقييس لدول مجلس التعاون الحصول على شهادة مطابقة من الصانع بمطابقة الإطارات الجديدة للوائح الفنية الخليجية ويتم اعتماد هذه الشهادة بعد التأكد من صحة المعلومات في الشهادة.
وأصدرت هيئة التقييس حتى اليوم 19 مواصفة قياسية ولائحة فنية خليجية تتعلق بالإطارات، وتتضمن تلك المواصفات القياسية الاشتراطات والمتطلبات الفنية التي يجب توافرها في الإطارات من أهمها تاريخ الإنتاج، وفئة درجة الحرارةـ والتحمل، ورمز السرعة والثبات، ومعامل الحمل، وذلك وفقاً لتوصيات الشركة الصانعة للسيارة.
وتشدد الهيئة إلى ضرورة اختيار تاريخ إنتاج حديث لا يتجاوز عامين والرموز المناسبة فيما يخص معامل الحمل ورمز السرعة وفئة درجة الحرارة، معتبرة ذلك من أهم عوامل السلامة.