كتب: طه عبد الله العامري
وراء كل نجاح إدارة مهنية مؤهلة وحكيمة تعمل بنظرة ثاقبة مستشرفة للمستقبل في مختلف النواحي والمجالات بحيث تواكب التطورات الحاصلة في عالمنا على جميع المستويات.
وبما أن مجال التقييس أحد فروع المجال الاقتصادي الذي اقتحم عالمنا مؤخراً، فهو بحاجة كذلك إلى مواكبة تلك لتطورات باستقلالية تامة وبوتيرة عالية لما له من أهمية بالغة في حياة أفراد المجتمع صحياً، وبما يقوم به من الحماية والمحافظة على السلامة والصحة العامة ويحقق التوازن بين جميع أطراف العملية الإنتاجية المتمثلة بالمنتج أو المصنع والمستورد وأخيراً محور الارتكاز المهم في هذه العملية ألا وهو المستهلك.
هيئة التقييس لدول مجلس التعاون
تصب جميع الأنشطة التي تقوم بها هيئة التقييس لدول مجلس التعاون وأجهزة التقييس الوطنية بالدول الأعضاء في مصلحة المستهلك وتعمل على حمايته من خلال متابعة تطبيق المواصفات القياسية التي ينتج عنه تقديم أفضل السلع والمنتجات والخدمات، وتساعده في المحافظة على سلامته وصحته ومنع الغش والاحتكار، وتوفير قاعدة سليمة وصحيحة للمنافسة العادلة والشريفة لمقدمي الخدمات ومنتجي السلع.
ومن هذا المنطلق عملت هيئة التقييس منذ إنشائها جاهدة وفي سباق مع الزمن للحاق بركب التطورات في مجال التقييس، من خلال إصدار الموصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية المبنية على الدراسات والبحوث المسبقة، ووضع تشريعات وقوانين تضمن توفير الحماية للمستهلك من مختلف المخاطر التي قد تنجم عن استخدام السلع والمنتجات المغشوشة وغير الآمنة.
ومن تلك القوانين والتشريعات إصدار وتطبيق المنظومة التشريعية لضبط المنتجات في السوق الخليجية المشتركة الهادفة إلى سنِّ قواعد وآلياتٍ تضمن تحرير التجارة البينية بين الدول الأعضاء، وتميزها بشمولها على إجراءات مسبقة قبل طرح المنتج في السوق، حيث يقوم المُنتِج بتقويم المطابقة اللازمة لمنتجه قبل إنزاله السوق ووضع شارة المطابقة الخليجية عليه للتأكيد على استيفاء المصنعين لجميع الاشتراطات الواردة في اللوائح الفنية الخليجية للمنتجات وتوافقها مع تلك اللوائح.
كما أن وضع الشارة على المنتجات تعني أن المُصنِّع أو المُنتِج أو المستورد الذي قام بوضعها أو أصبح مسئولاً عن وضعها قد أكد بأن المنتَج يطابق جميع الاشتراطات التي نصت عليها اللوائح الفنية المُطبقة على المُنتَج وأنها وضعت بعد الانتهاء من كافة إجراءات تقويم المطابقة الملائمة، وأن المنتجات تطابق كل الاشتراطات الواردة بتلك اللوائح، وبالتالي يستطيع المستهلك من خلال هذه الشارة التمييز بسهولة بين ما هو سليم وآمن وما هو غير ذلك.
وأيضاً تعتبر شارة المطابقة الخليجية جواز عبور للمنتجات التي تحملها للأسواق الخليجية وتسهل عملية تفتيشها وفسحها من قبل الجهات المعنية في المنافذ الحدودية في فتره وجيزة بدلاً من إخضاعها لإجراءات اختبار وتفتيش تستلزم وقتاً محسوباً على المستورد والجهات الرقابية على حدٍ سواء.
وقد بدأت هيئة التقييس الخليجية منذ عام 2011م بتطبيق وضع الشارة على لعب الأطفال باعتبارها أكثر السلع والمنتجات انتشاراً في الأسواق واقتناءً في المنازل وذلك ضماناً لسلامة الأطفال والبيئة المحيطة من الأضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة استخدامها، تلاها في عام 2016م تطبيق الشارة على الأجهزة والمعدات الكهربائية منخفضة الجهد.
ورغم المعوقات التي واجهت الهيئة إلا أنها سعت في إيجاد الحلول التي تلبي طموح التاجر والمستهلك على حدٍ سواء وكذلك الجهات أو الأجهزة المعنية بالرقابة في الدول الأعضاء، ودشنت النظام الخليجي لتتبع المطابقة للمنتجات الحاملة لشارة المطابقة الخليجية منذ بداية شهر يوليو 2006م، وبدأت بالتطبيق الإلزامي للرمز الخليجي لتتبع المطابقة الذي يتكون من شارة المطابقة الخليجية ورمز الاستجابة السريعة (QR Code) على كافة المنتجات الخاضعة للمنظومة الخليجية من تاريخ 1 أبريل 2017م بعد أن قامت بالتوعية بأهمية ذلك النظام للدول الأعضاء وجميع الأطراف ذات العلاقة.
وكغيره من الأنظمة التي تراعي عند إعدادها وتطبيقها جميع أطراف العملية الإنتاجية (مُصنع أو مُنتج، مستورد) وتصب في مصلحة وسلامة المستهلك، يعد هذا النظام أحد أهم تلك الأنظمة التي بادرت إليه الهيئة لتعزيز سلامة المنتجات الحاملة لشارة المطابقة الخليجية ، وبما يحقق الأهداف الاستراتيجية للهيئة ذات العلاقة بحماية المستهلكين وتوفير الآليات المناسبة للجهات والأجهزة المختصة لتتمكن من التحقق من مطابقة المنتجات المتداولة في الأسواق، إذ يتيح النظام لعموم المستهلكين معرفة البيانات المتعلقة بالمنتج ومدى مطابقته والتحقق من البيانات الخاصة به (اسم المنتج، بلد المنشأ، الشركة المصنعة).
إن تعاون جميع الأطراف والجهات والأجهزة المعنية بتطبيق هذا النظام سيمكن المنتجات الآمنة والسليمة من الدخول للأسواق ويسهل حركة انسيابها داخل الدول الأعضاء، ويتيح لأجهزة الرقابة الحدودية وجهات مسح الأسواق في الدول الأعضاء التتبع للمنتجات الحاملة للشارة، خدمة لمصالح مواطنيها المتمثلة بالسلامة والأمان.