منذ أن خلق الله الإنسان وهو يستخدم العديد من الطرق لحفظ الغذاء ومنع فساده وتلفه وتحسين مذاقه ومظهره، ومن تلك الطرق استخدامه للملح والتوابل والسكر وغيرها، إلا إنه ونتيجة لتزايد عدد السكان ازدادت الحاجة لإنتاج المواد الغذائية، وبالتزامن ازداد البحث عن طرق تضمن الاحتفاظ بصلاحية هذه المواد لفترة زمنية طويلة، حتى توصل علماء الغذاء عام 1950م لاستخدام المضافات.
وفي عام 1960م تم إنتاج ما يقارب من 2500 مادة تضاف إلى الأغذية وعُرفت بالمضافات الغذائية، وهذه المضافات التي أحدثت جدلاً واسعاً بين جمهور المستهلكين وأثارت لديهم تساؤلات حول سلامة استخدامها، ومدى الضرر والمخاطر الصحية التي قد تسببها على المستهلك، جعلت علماء وخبراء الغذاء والصحة يخوضون فيها بإسهاب وتفاصيل فنية دقيقة عبر عدد من الوسائل، وهنا وفي هذا المقال سيتم اقتصار معلوماتنا الهادفة إلى التوعية بالدرجة الأولى لتوضيح الأهمية والأضرار للمضافات، وكيفية الحماية من مخاطرها، ودور الجهات الرقابية في تنظيمها.
تعريف المضافات:
تُعرف المضافات الغذائية بأنها مجموعة من المواد الصناعية أو الطبيعية التي ليست من المكونات الطبيعية للأغذية ويتم استخراجها من النباتات أو الحيوانات أو المعادن بحيث تضاف إلى الغذاء للحفاظ على سلامته أو نكهته أو مذاقه أو قوامه أو مظهره أو تحسينه، كما تُعرَف أيضا بأنها أي عمل يضاف للمواد الغذائية من أجل تثبيط النمو البكتيري والتغيرات الكيميائية التي قد تطرأ على تلك المواد. إلا أن متخصصين في مجال الغذاء أجمعوا على تعريفها بأنها مواد ذات منشأ كيميائي صناعي أو طبيعي تضاف للأطعمة لحفظها من التلوث وعوامل الفساد أو تستخدم كمواد ملونة أو منكهة أو مغلظة للقوام.
أهمية المضافات:
للمضافات الغذائية دور إيجابي في حفظ الأغذية، إذ يُعد وجودها من الأمور التي لا غنى عنها في التصنيع الغذائي، وتكمن أهمية المضافات في تحقيق الأهداف التالية:
– الحفاظ على التركيبة الغذائية للمنتجات والحفاظ على سلامتها.
– تحسين التركيب الغذائي للمُنتج وجعل شكله أو مذاقه أفضل.
– تعمل على إبطاء نمو البكتيريا والخمائر والأعفان.
– تساعد على ضبط التلوث الغذائي في المنتجات.
– تحد من تزنخ الأطعمة التي تحتوي على الزيوت والدهون.
– تعمل على زيادة فترة صلاحية المُنتج الغذائي.
وبقدر أهميتها، إلا أن هناك اشتراطات صحية يجب أن تتوفر في أي مادة مضافة منها تحديد الغرض من إضافة المادة المضافة والتأكد من مدى صلاحيتها أو مطابقتها للغرض، وألا تقلل المادة المضافة من القيمة الغذائية للمُنتج.
أضرار المضافات:
أوضحت بعض الدراسات المتعلقة بالشأن الغذائي والصحي بأن جسم الإنسان يتأثر سلباً بمقدار ارتفاع تركيز المادة المضافة في المُنتج والإكثار من تناولها، حيث يؤدي الإكثار من تناول المنتجات المحتوية على المضافات إلى أضرار ومضاعفات خطيرة على صحة الإنسان تصل حدّ التسبب في ظهور الأورام السرطانية، والتأثير على وظائف القلب والكلى والكبد، والإصابة بحساسية الجلد والربو وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وإصابة الجهاز الهضمي بالتهابات واضطرابات، وإصابة المخ والأعصاب بالتهابات خاصة لدى الأطفال. ولفت مختصون إلى أن أضرار ومخاطر المضافات الغذائية لا تقتصر فقط على الإنسان، بل تشمل أضرارها البيئة أيضاً وذلك من خلال ما تسببه نفاياتها التي تنشأ خلال مراحل عمليات التصنيع الكيميائي لها.
الوقاية من أضرار ومخاطر المضافات:
يقول عدد من المختصين والخبراء أن معظم المضافات الغذائية آمنة صحياً متى ما تم استخدام الأنواع المسموح بها قانونياً وبالتركيزات المصرح بها، وهناك عاملان أساسيان لأمان وسلامة استخدام المضافات وهما، مقدار تركيز المادة المضافة في الغذاء، والحد الأقصى من تناول المنتج المحتوى على المادة المضافة، إلا أنه ونتيجة للسلوك الاستهلاكي في تناول تلك المنتجات وعدم الاكتراث بالتنبيهات والإرشادات الصادرة عن الجهات الرقابية يزيد من تراكم الأضرار والمخاطر الصحية. مما يعني بان المستهلك يتحمل مسؤولية حماية نفسه وذلك عبر عدد من الخطوات المتفق على ضرورتها اتخاذها للحد من التأثيرات السلبية والخطيرة للمضافات، ولعل أهمها:
– قراءة بطاقة بيان المنتج والتأكد من احتوائه على أقل نسبة من المضافات الغذائية.
– شراء الأغذية المحتوية على أقل نسبة ممكنة من المضافات.
– تجنب تناول كميات كبيرة من الأغذية التي تحتوي على المضافات وخاصة الأطفال.
– عدم تناول المواد الغذائية التي تحتوي على المضافات والمكونات التي تتسبب في فرط الحساسية من قبل الشخص الذي لا تتلاءم واقع حالته الصحية مع ذلك.
– الحرص على تناول الفواكه والخضروات والأغذية الخفيفة التي يتم إعدادها بالمنزل.
دور الجهات التشريعية والرقابية في ضبط وقوننة المضافات:
تلعب الجهات المعنية بالرقابة على الغذاء بشكل عام والمضافات على وجه الخصوص دوراً محورياً في الحد من أضرارها ومخاطرها، وذلك من خلال إعداد وتطبيق التشريعات والقوانين التي تضبط عملية إضافة المادة المضافة للغذاء ومنها:
– قيام معظم الدول الصناعية بإعداد قوائم محددة بالمضافات يتم مراجعتها وتقييمها بشكل دوري للتأكد من سلامتها على صحة المستهلك.
– نصت أغلب القوانين ومنها الأمريكية على منع استخدام المضافات التي تسبب السرطان.
– قيام المختصون الصحيون في السوق الأوروبية بتحديد درجة تركيز المضافات الغذائية.
– تولت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) مسؤولية تقييم مخاطر المضافات.
– وضعت منظمة الصحة العالمية جداول ثابتة ومُلزمة لكل الدول حددت فيها التركيز الأدنى المسموح به دولياً لاستخدام المضافات وبحسب نوعيات الأغذية المختلفة، بالإضافة إلى إصدارها لعدد من الأدلة حول المواد المضافة.
– قررت هيئة الدستور الغذائي الاعتماد حالياً على نظام الترقيم الدولي (I.N.S) للدلالة على وجود مادة مضافة في المُنتج، ويرمز لها بالحرف (E) وبجانبه رقم.
– تعتمد الكثير من الدول على إصدارات هيئة الدستور الغذائي ومنها كودكس 192 الخاصة بالمواد المضافة للأغذية.
– حددت الأجهزة الرقابية في أغلب دول العالم أسماء المضافات التي يسمح باستخدامها ونصت قوانينها (المواصفات القياسية واللوائح الفنية) وبصورة إلزامية على ذكر أسماء المواد المضافة للأغذية أو الرموز الدولية لها أو رقم تصنيفها الدولي ووظيفتها.
– تم إلزام المصنعين بعدم إضافة أي مادة تهدف إلى التضليل أو تغطية عيوب في المنتج.
– تم إلزام المصنعين بعدم استخدام المحليات الصناعية والمغذية في جميع أغذية الأطفال.
– قيام الأجهزة المعنية بتشديد الرقابة على المنتجات الغذائية للتأكد من أنها خالية من المضافات المحظورة دولياً، وبأن المادة المضافة في حدود المسموح به دولياً، وطبقاً للمواصفات القياسية المعتمدة.
أن ما يورده الكثير من المستهلكين حول احتواء أغلب المواد الغذائية على جرعات من المواد الكيميائية جراء تزايد استخدام المضافات وتجاوز الضوابط والقوانين التي تحدّد الكميات المسموح بها دولياً، وازدياد شكوكهم بأنها وراء ظهور الكثير من الأمراض، لقي اهتماما بالغاً من قبل الجهات المعنية غذائياً وصحياً على مستوى العالم، وخرجت بعدد من الضوابط والقوانين التي تحد من أضرار ومخاطر المضافات على صحة الإنسان.