تمثل المواصفة القياسية الدولية ISO 9001:2015 متطلبات عامة لنظام إدارة الجودة قابلة للتطبيق على أية منظمة أياً كان نوعها أو حجمها أو تبعيتها، وهذه المواصفة تمثل نظاماً لإدارة الجودة والذي يعتبر الأكثر تطبيقاً على مستوى العالم حيث تطبقها أكثر من مليون ومائتا ألف منشأة ضمن 184 بلداً حول العالم حسب آخر الإحصائيات.
وهي مواصفة قياسية دولية صادرة عن منظمة الـمنظمة الدولية للتقييس ISO، حيث كان الإصدار الأول لها في عام 1987م، وأجريت عليها عدة تعديلات كان آخرها في شهر سبتمبر 2015م والذي يعتبر الإصدار الخامس لهذه المواصفة، وقد حصلت فيه بعض التعديلات الهامة والجوهرية التي من شأنها توفير المنتج أو الخدمة بما يتوافق مع متطلبات العملاء والقوانين والتشريعات المطبقة، وإعطاء مرونة أكبر للتكامل مع أنظمة الإدارة الأخرى (البيئة، والسلامة المهنية وغيرها)، وتعزيز قدرة المنشآت على تطوير وتحسين الأداء، وإدارة المخاطر وتحقيق رضا العملاء، بالإضافة إلى عكس متطلبات بيئة العمل المعقدة والمتغيرة ومواكبة سرعة التغيير المطلوبة.
ومن أهم تلك التعديلات هو أن مبادئ الجودة الـ 8 أصبحت 7 مبادئ فقط، كما أن بنود المواصفة أصبحت 10 بنود مقابل 8 بنود في الإصدار السابق، بالإضافة إلى أنه تم إلغاء متطلب دليل الجودة وممثل الإدارة ولم يعد لهما وجود بالإصدار الجديد.
كما تم إضافة بند جديد للمواصفة وهو البند الرابع “سياق المنظمة Context of the organization” والذي يعتبر من أهم التعديلات بالمواصفة وأصبح بموجب هذا البند لزاماً على المنشأة الأخذ بعين الاعتبار تحديد أهم القضايا الداخلية والخارجية وكذلك المخاطر التي قد تؤثر على نشاطها وتوجهاتها المستقبلية (سلباً أو إيجاباً)، بالإضافة إلى ضرورة فهم احتياجات وتوقعات الأطراف المهتمة ذات العلاقة بعمل المنشأة.
كذلك تم تعديل البند الخامس إلى مسمى “القيادة Leadership” بدلاً من ” مسؤولية الإدارة” وأصبح للإدارة العليا (القيادة) في هذا الإصدار دور مهم وحيوي في تطبيق اشتراطات ومتطلبات المواصفة بالمنشأة بعد أن كان ذلك من مهمة ممثل الإدارة في الإصدار السابق.
ويتصف الإصدار الجديد بالمرونة الكبيرة في إعداد الوثائق، حيث كان في الإصدار السابق للعام 2008م يتطلب وجود 6 إجراءات إلزامية و 21 سجل كحد أدنى من متطلبات التوثيق لنظام إدارة الجودة، بينما في الإصدار الجديد لعام 2015م لم تعد الإجراءات الإلزامية موجودة وللمنشاة التي ترغب بتطبيق المواصفة الحرية الكاملة في اختيار ما يناسبها من الإجراءات بما يتوافق ونشاطها ويضمن كفاءة عملياتها وفعالية نظام إدارة الجودة فيها، وتم تسميتها بالمعلومات الموثقة “Documented Information”، وبناءً على ذلك فإن 25 وثيقة هي الحد الأدنى لإنشاء نظام إدارة الجودة طبقاً للإصدار الجديد من المواصفة القياسية ISO 9001:2015.
كما تم في الإصدار الجديد التركيز على (منهجية التفكير المبني على المخاطر Risk based thinking ) والذي يعتبر إضافة نوعية لنظام إدارة الجودة لتحقيق ثقة ورضا العملاء، ويساعد على تحقيق الأهداف، كما أنه يعمل على تقليل الإخفاقات وتصبح الوقاية بموجبه عادة وثقافة لدى المنشأة، وبالتالي فإن تحديد المخاطر والفرص أصبح من أهم متطلبات المواصفة ISO 9001:2015 والذي يعمل كإجراء وقائي للحد من الأخطاء التي قد تظهر في إحدى العمليات بالمنشأة.
ومن الملفت للنظر أن الكثير من المنظمات والمؤسسات في وقتنا الحاضر بدأت تشعر بضرورة التغيير تماشياً مع الظروف المحيطة بها، وبالتالي يجب عليها تبنِّي سياسات وخطط استراتيجية تساعدها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تحيط بها حتى تتمكن من المحافظة على مستواها التنافسي، ومما يساعدها على ذلك هو جودة الخدمات والمنتجات التي تقدمها لعملائها وهذا يستلزم عليها أن تتبنى أنظمة إدارية تتمحور حول الجودة.
من هنا تأتي أهمية تطبيق أنظمة الجودة في هذه المنظمات والمؤسسات بما يتناسب مع طبيعة أنشطتها التي تقوم بها ومن أهمها نظام إدارة الجودة ISO 9001:2015 والذي يعتبر من أنجح الأنظمة الإدارية التي حققت انتشاراً خلال العقد الأخير كما أسلفنا، وذلك لما يمتاز به من قابلية للتطبيق على كل المنظمات والمؤسسات أياً كان مجال عملها أو نشاطها أو حجمها أو طبيعة منتجاتها أو خدماتها.
ولتطبيق نظام إدارة الجودة ISO 9001:2015 العديد من الفوائد ومنها ضمان جودة أعمال المنظمات والمؤسسات وتقليل التكاليف والهدر في الأموال والأوقات وزيادة الإنتاجية، وكذلك زيادة الثقة لدى متلقي الخدمة أو المنتج مما يؤدي إلى إرضاء العملاء بالإضافة إلى المساهمة في تأكيد السمعة الجيدة لهذه المنظمات والمؤسسات محلياً ودولياً.
ولو أتينا لدراسة الوضع في الشرق الأوسط ومنها الدول الأعضاء بهيئة التقييس لدول مجلس التعاون لوجدنا أن هناك شركات في هذه الدول بدأت بالسعي في الحصول على شهادات الآيزو مبكراً منذ نهاية القرن الماضي، ولكن لم يكن هناك تنافس كبير في هذا المجال وبما يحقق الطموح المطلوب، وهذا يتطلب من الشركات والمؤسسات في هذه الدول مضاعفة الجهود والمضي قدماً في تطبيق أنظمة الجودة المختلفة بما يتناسب مع أنشطتها والخدمات والمنتجات التي تقدمها لعملائها، ليساعدها ذلك على الدخول في مضمار المنافسة خاصة في ظل انفتاح الأسواق أمام المنافسة الدولية.
*استشاري ومدرب جودة
*مستشار لشؤون الجودة – الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس