المترولوجيا والاستدامة.. الدور الحيوي والتطبيقات العملية

د. جواهر التويتي

يلعب علم القياس (المقاييس) دوراً رئيسياً في دعم أهداف الاستدامة العالمية.

فالقياس ليس عملية مجردة، ولكنه الأساس الذي يُبنى عليه تخطيط وتنفيذ الممارسات المستدامة عبر مجموعة واسعة من القطاعات، ابتداءً من الحفاظ على البيئة، والرعاية الصحية إلى الصناعة والبنية التحتية.

في هذه المقالة، التي أعدت بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمترولوجيا 2024 تحت شعار “نقيس اليوم لغدٍ مستدام” سوف نستكشف كيف تؤثر المقاييس على الاستدامة وتطبيقاتها العملية ودورها في المجالات المختلفة.

المترولوجيا في البيئة والطاقة المستدامة

سعياً لتحقيق الاستدامة البيئية، فالمقاييس لها دوراً حيوياً في قياس ورصد آثار الأنشطة البشرية على البيئة. على سبيل المثال، يتم استخدام المقاييس لتقييم جودة الهواء، وقياس تلوث المياه، ومراقبة تغير المُناخ، وتقييم استدامة مصادر الطاقة المتجددة. ومن خلال التقنيات المترولوجية المتقدمة، يمكن قياس انبعاثات غازات الدفيئة بدقة، وضمان الامتثال لمعايير النظافة البيئية، وتقييم التأثير البيئي لمشاريع الطاقة المتجددة.

المترولوجيا في الصحة والسلامة

في مجال الصحة والسلامة، يساهم علم القياس في ضمان جودة وموثوقية القياسات والتقنيات المستخدمة في تقديم الرعاية الصحية والسلامة العامة. على سبيل المثال، يتم استخدام القياس لتقدير جرعات الإشعاع في علاج السرطان، وتقييم مستويات التلوث الإشعاعي في المناطق المتضررة، وضمان سلامة الأغذية والمشروبات من الملوثات الإشعاعية.

المترولوجيا في الصناعة والبنية التحتية

تمثل المقاييس دوراً حيوياً في دعم الاستدامة في الصناعة والبنية التحتية من خلال ضمان جودة وموثوقية العمليات والمنتجات. على سبيل المثال، يتم استخدام المقاييس للتحقق من أداء محطات الطاقة المتجددة، وضمان جودة مواد البناء ومكونات البنية التحتية، وتقديم خدمات الصيانة والإصلاح بكفاءة وفعالية.

 ومن الأمثلة على تطبيقات المترولوجيا في الاستدامة:

  • مراقبة جودة الهواء:

استخدام أنظمة مترولوجية متقدمة لمراقبة جودة الهواء وقياس تركيزات ملوثات الهواء، مما يساهم في تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض.

  • تقييم استدامة الطاقة النظيفة:

استخدام المقاييس لقياس كفاءة مصادر الطاقة المتجددة وتقييم تأثيرها البيئي، ودعم الجهود العالمية للانتقال إلى نظام طاقة نظيف وأكثر استدامة.

  • تقييم استدامة الموارد المائية:

استخدام التقنيات المترولوجية لقياس استهلاك المياه، وتقييم جودة المياه، ومراقبة مستويات الجفاف، وضمان الاستدامة في إدارة الموارد المائية.

  • رصد تغير المناخ:

استخدام القياسات المترولوجية لرصد تغير المناخ، وتقييم تأثيره على البيئة والمجتمع، واتخاذ تدابير التكيف والتخفيف للحد من الآثار السلبية.

  • تطوير تقنيات الطاقة النظيفة:

الاستثمار في البحث والتطوير في تقنيات البيئة والطاقة النظيفة، بما في ذلك تطوير أدوات وأجهزة قياس متقدمة لتحسين الكفاءة والاستدامة.

كما لا يمكن التغاضي عن دور المقاييس في الاستدامة المالية، حيث يساهم الاستثمار في تطوير البنية التحتية المترولوجية وتقنيات التقييس والتدريب والتعليم المتخصص في الاستدامة طويلة الأجل للقطاعات التي تعتمد على القياسات المترولوجية.

ونستطيع القول، ان إدماج المترولوجيا في جهود التنمية المستدامة يعزز القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية والمتطلبات المستقبلية.

ومع استمرار التقدم التكنولوجي والابتكارات في مجال القياس، سيستمر دورها في دعم الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية والطاقة في جميع أنحاء العالم من أجل أن “نقيس اليوم لغدٍ مستدام”.

وكل عام وأنتم بخير.

*دكتوراه في المترولوجيا الاشعاعية. مستشارة في التقييس والمترولوجيا/ مقيم المختبرات والمراكز الاشعاعية.

Comments (0)
Add Comment