منظمة الـ ISO تمهد الطريق للانتقال إلى الاقتصاد الدائري بـ 3 مواصفات دولية جديدة

محمد الخطيب

نشرت المنظمة الدولية للتقييس (ISO)، بعد مناقشات دامت حوالي خمس سنوات، ثلاث مواصفات قياسية دولية جديدة تهدف إلى ضمان التحول إلى الاقتصاد الدائري بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

وهذه المواصفات الثلاث الجديدة هي: المفردات والمبادئ العامة والتوجيهات المتعلقة بالتحول إلى الاقتصاد الدائري (ISO 59004)، وإرشادات حول الانتقال إلى نماذج أعمال دائرية (ISO 59010)، وتقييم أداء التحول إلى الاقتصاد الدائري 59020) ISO).

وتوفر هذه المواصفات الثلاث مجموعة أدوات شاملة للانتقال من الاقتصاد الخطي إلى الاقتصاد الدائري، تتراوح من المبادئ إلى القياس، ولأول مرة توفر إجماعًا عالميًا حول تعريف مشترك للاقتصاد الدائري ومبادئه.

ونجحت المنظمة الدولية للتقييس ISO بجمع 100 دولة بما فيها دول من مجلس التعاون لوضع المواصفات الثلاث، وشاركت خمسة وسبعون هيئة وطنية للتقييس من جميع أنحاء العالم كأعضاء مشاركين في اللجنة الفنية التي أعدت المواصفات، بما في ذلك مشاركة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة من المملكة العربية السعودية كعضو مشارك، وخمسة وعشرون هيئة وطنية للتقييس كأعضاء مراقبين لعمل اللجنة بما فيها أيضاً وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأكدت اللجنة أن الهدف من إنشاء هذه المواصفات هو توفير فهم مشترك للاقتصاد الدائري يمكن اعتماده بأي نوع من الشركات أو المنظمات، سواء كانت خاصة أو حكومية أو حتى المنظمات غير الحكومية.

وبالرغم من أن هذه المواصفات هي مواصفات غير إلزامية إلا أن اللجنة الفنية تأمل بأن يتم تبنيها كمواصفات إلزامية في العديد من البلدان مما سيعطي دافعاً كبيراً ويسرع من عملية الانتقال إلى الاقتصاد الدائري.

وفيما يلي شرح للخطوط العامة في كل مواصفة قياسية من المواصفات الثلاث.

  1. المواصفة الأولى في الاقتصاد الدائري (ISO 59004)

تُقدم هذه المواصفة القياسية تعريفاً للاقتصاد الدائري، وتُحدد ستة مبادئ متكاملة ومترابطة في الاقتصاد الدائري هي: التفكير بشكل منظَّم، وخلق القيمة، وتقاسم القيمة، وإدارة الموارد، وتتبع الموارد، ومرونة النظام البيئي، بالإضافة إلى وضع ومبادئ وإرشادات عامة لتنفيذه.

ويمكن للشركات العامة أو الخاصة من خلال اعتماد هذه المواصفة وتطبيقها أن تطور من حلول مستدامة وطموحة مع تحسين العلاقات مع أصحاب المصلحة والامتثال للوائح البيئية، وبالتالي التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معه، ودعم الإدارة المستدامة للموارد.

  1. المواصفة الثانية في الاقتصاد الدائري (ISO 59010)

يقع تحليل نماذج الأعمال الحالية وإجراءات الانتقال إلى نماذج الأعمال الدائرية في قلب المواصفة الثانية في الاقتصاد الدائري (ISO 59010). وتهدف هذه المواصفة إلى مساعدة المؤسسات على تحديد الأهداف واستراتيجيات الاقتصاد الدائري، بالإضافة إلى تحديد آليات للمراجعة ومراقبة الممارسات الحالية.

وباستخدام هذه المواصفة يمكن للشركات أن تجد إرشادات يمكنها المساعدة على الانتقال من الاقتصاد الخطي إلى الاقتصاد الدائري والذي يساعد بكل تأكيد من تحسين كفاءة استخدام الموارد والحد من الهدر، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات التنظيمية والسوقية، ومواءمة الممارسات التجارية مع أهداف التنمية المستدامة.

  1. المواصفة الثالثة في الاقتصاد الدائري (ISO 59020)

تم تصميم هذه المواصفة كإطار يمكن تطبيقه عبر مستويات مختلفة من النظام الاقتصادي، بدءًا من المستوى الدولي، وانتقالاً إلى المحلي، ووصولاً إلى مستوى المنتج والمستهلك.

وتم التركيز في هذه المواصفة على أهداف الاقتصاد الدائري المتمثلة في التخفيض من الاستهلاك، وإعادة الاستخدام، والتشجيع على إصلاح المنتجات عند حدوث عطل بدلاً من شراء منتج جديد، وأخيراً إعادة التدوير عند الانتهاء من استخدام المنتج، بالإضافة إلى قياس تدفقات الموارد، وتقييم تأثيرات الاستدامة (الاجتماعية والبيئية والاقتصادية)، مع مراعاة المؤشرات الأساسية للتدوير مثل الاستخدام الأمثل لموارد الطاقة والمياه.

ويهدف استخدام الإطار الموضح في هذه المواصفة إلى مساعدة المؤسسات في التقليل من استخدام الموارد، وتعزيز الشفافية والمساءلة عند إعداد التقارير البيئية، وتسهيل اتخاذ القرارات الاستراتيجية لإدارة الموارد المستدامة.

مشوار الانتقال إلى الاقتصاد الدائري يبدأ بإعداد المواصفات

إن وجود مواصفات قياسية دولية للاقتصاد الدائري يعتبر قفزة نوعية، حيث أنه وأخيراً تم تقديم مواصفات متكاملة تغطي مختلف جوانب الاقتصاد الدائري، وتقدم فهماً موحداً وشاملاً للاقتصاد الدائري مع آليات لتقييم الأداء والمساعدة في رسم استراتيجيات الانتقال، ولكن بالرغم من هذا الإنجاز إلا أن الرحلة نحو الانتقال من الاقتصاد الخطي إلى الاقتصاد الدائري هي رحلة طويلة، وإن إعداد هذه المواصفات ما هو إلا تعبيدٌ للطريق الذي يجب على جميع الأطراف كانت حكومية أو خاصة المضي قدماً فيه بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتقليل من آثار التغير المناخي.

 

* خبير في الاستدامة، الاقتصاد الدائري وسياسات الطاقة.

Comments (0)
Add Comment