تقوم هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتنسيق الجهود بين الدول الأعضاء لإصدار المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية التي تطبق على المنتجات المصنعة محلياً والمستوردة للدول الأعضاء بالهيئة لضمان الموائمة الإقليمية وتسهيل التبادل التجاري.
وقد حدّدت هيئة التقييس الخليجية رؤيتها الاستراتيجية 2025 لتكون بيت الخبرة ومركز التميّز الإقليمي الموثوق به في أنشطة التقييس والممكّن الأول للسوق الخليجية المشتركة بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون.
وفي هذا السياق، تعتبر مبادرة هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركة المعنِيّين من القطاعات المختلفة التي تم إطلاقها كجزء من الخطة الاستراتيجية 2025 خطوة رئيسية وهامّة لإنشاء منصّة فعّالة من الخبراء من القطاعين العام والخاص للتعاون في تطوير المواصفات القياسيّة واللوائح الفنيّة الخليجية. وستسمح هذه المبادرة للمعنيّين من مختلف الصناعات بالمشاركة في عمل اللجان ومجموعات العمل واقتراح مشاريع المواصفات القياسية واللوائح الفنية ودراسة مشاريع اللوائح الفنية واقتراح موصفات قياسية ولوائح جديدة أو لجان فنيّة جديدة عند الحاجة.
أهمية تعاون المعنيين من القطاع الخاص في الإطار التنظيمي
لابدّ أن يستند الإطار التنظيمي المستدام والفعّال إلى قيادة حكوميّة قوية وتعاون بين القطاعات المختلفة وممثليها وتبادل أفضل الممارسات، بما فيها تبادل الأدلّة العلمية وطرق ونتائج الرقابة المستقلة المرتبطة بتحليل المخاطر والذي يتضمن تحليل تأثير المواصفات والتشريعات SIA/RIA
حالياً.. تمثل منتديات الدستور الغذائي (الكودكس) لمنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية أحد أفضل النماذج لمشاركة متعددة من القطاعات ومن ممثلي القطاعات المعنيين حيث تسهّل) المادة التاسعة( من الدليل الإجرائي لهيئة الدستور الغذائي مشاركة جهات حكومية وكذلك الجهات غير الحكومية بصفة مراقب دون الحق في التصويت.
ويمكن للمراقبين المشاركة في اجتماعات هيئة الدستور الغذائي المختلفة والوصول إلى وثائق العمل وأوراق المناقشة وتقديم الملاحظات. ويتعيّن على المراقبين أيضًا الامتثال بمجموعة من الالتزامات مثل دعم عمل وأهداف برنامج المواصفات الغذائية المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وتقديم البيانات العلميّة والخبرة الفنية والتعاون مع أمانة الدستور الغذائي وتبادل التقارير والمطبوعات.
هذا النوع من التعاون يشجع ويسهل تبادل المعلومات والخبرة والمشورة بين الجهات الحكومية وغير الحكومية وتنسيق المصالح المشتركة بين القطاعات.
ويجب أن تستند اللوائح التي تُطوّرها اللّجان الفنية الخليجية مثل اللجنة الفنية الخليجية للمواصفات الغذائية والزراعية (TC05) – التي تمثل صناعات الأغذية والمشروبات ومنتجات التبغ وتُركّز على جوانب سلامة وجودة هذه المنتجات- إلى بيانات علميّة وتكنولوجيّة متينة.
تستفيد اللجنة الفنية TC05 من ممارسات الشركات وطرقها وخُبرائها واستثماراتها في البحوث والتطوير بالإضافة إلى المعلومات العلمية والفنية المتاحة ومن زيارات المصانع ومقابلة الخبراء والعلماء المختصين لفهم عملية التطوير والعلوم القائمة وراء هذه المنتجات.
وتسمح هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص للسلطات التشريعية بالاطلاع بشفافية ووضوح أكثر على تقييم مخاطر السلامة وعمليات الإدارة والآليات التي وضعتها الشركات، والاطلاع على أحدث الفرص التكنولوجية فضلاً عن القيود التي تواجهها الشركات.
اللجنة الفنية الخليجية (TC05) وابتكارات الشركات وإعادة تركيب منتجاتها استجابة للسياسات التنظيمية
سبق لهيئة التقييس الخليجية وجهات الصحة الحكومية أن طوّرت ونفّذت سياسات تركز بشكل أساسي على تعزيز السلوكيات التصحيحية أو تعزيز التدابير الوقائية مع الأخذ بعين الاعتبار جانب تصحيح / إزالة الأسباب في الأصل وتشجيع الخيارات الصحية والحلول المستدامة التي من شأنها أن يكون لها تأثير أقوى على الصحة العامة.
وتدرك هيئة التقييس الخليجية الحاجة إلى استكمال السياسات الحالية بِنُهُج مبتكرة وقائمة على العلوم، ومبادرات تهدف إلى تسريع الجهود في معالجة القضايا البيئية والمتعلقة بالصحة في مختلف الصناعات مثل صناعة الأغذية والمشروبات والتبغ.
ومع ازدياد طلب المستهلكين على منتجات محسّنة وأكثر استدامة، تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الشركات في جميع صناعات السلع الاستهلاكية لابتكار منتجات جديدة وإعادة صياغة منتجاتها. ونتيجة لذلك تستثمر حكومات الدول الأعضاء في الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع هذا التغيير، من خلال مشاريع لإعادة صياغة المنتجات وتطوير منتجات بديلة أفضل تنفذها الصناعات حاليًا في العديد من القطاعات، كجزء من الاتفاقات الطوعية التي غالبًا تم التفاوض عليها مع الجهات الحكومية، بما يُسهم في تعزيز جودة حياة وصحة المستهلكين.
وعلى سبيل المثال، طور قطاع الأغذية والمشروبات مجموعة جديدة من المشاريع مثل إطلاق المنتجات ذات محتوى منخفض من السكر والملح والدهون وإزالة الدهون غير المشبعة، أو إنتاج منتجات تحتوي على كميات أعلى من الفواكه والحبوب الكاملة. كما تم تغيير بطاقات المنتجات لتحمل معلومات أكثر توضّح محتوى السّكر المضاف والكوليسترول والدهون غير المشبعة، بالإضافة إلى توفير أحجام حصص أصغر من المنتجات.
كما تبتعد صناعة التبغ عن السجائر التقليدية ومنتجات التبغ المحترقة، وتعمل على تطوير وتوفير منتجات بديلة ذات ضرر أقل ممثلة بمجموعة من المنتجات التي تخلو من الدخان للمستهلكين دون استنشاق معظم المواد الكيميائية الضارة نتيجة احتراق التبغ.
من وجهة نظر المسؤولية الاجتماعية، تنظر هيئة التقييس الخليجية إلى الأدوار الإقليمية ذات الصلة، مع مراعاة المبادئ التوجيهية الدولية التي تنطوي عليها المواصفة القياسية الدولية ISO 26000 ، ومن خلال الوعي الكامل بالتأثيرات المحتملة. وبهذا فإن هيئة التقييس الخليجية حريصة على إحدى المناهج الأساسية بسنّ تنفيذ سياسة مشاركة أصحاب المصلحة (1).
ولاشك أن هناك مجموعة من التحديات التي يمكن بحثها في المستقبل القريب، منها تصنيف أصحاب المصلحة الذي يمكن أن يستند بشكل عام إلى ثلاث سمات تشخيصية كما تم وصفه في منشور فني حديث (شكل 2) وتحديد مستوى مشاركة أصحاب المصلحة كما تم توضيحه في دراسة معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (شكل 3) ) UNITAR (اليونيتار)، أما بالنسبة للمخاطر المحتملة المرتبطة بعلاقة الجهات التنظيمية وأصحاب المصلحة فيمكن تناولها في دراسة أخرى.
يوفر دليل مشاركة أصحاب المصلحة المعتمد من هيئة التقييس الخليجية أرضية صلبة لتعزيز وتشجيع المشاركة الفعالة لأصحاب المصلحة في عملية تطوير التشريعات واللوائح الفنية، للاستفادة من مساهمتهم في الوقت المناسب في العملية المعنية.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل هيئة التقييس الخليجية باستمرار على بناء البنية التحتية والسياسات اللازمة التي تؤكد على هذا التصور بين اللاعبين الاساسيين في قطاعات التصنيع والخدمات في الدول الأعضاء، حيث تم في عام 2022 إطلاق سلسلة من ورش العمل لأصحاب المصلحة ستمتد على السنوات القادمة حتى عام 2025 لتجسيد التطور والوصول إلى أكبر عدد ممكن من أصحاب المصلحة الرئيسيين في المنطقة.
وترحب هيئة التقييس الخليجية بالجهود والمساهمات الكبيرة التي يبذلها أصحاب المصلحة من أجل إقامة تعاون مع أصحاب المصلحة المتعددين وتعزيز التجارة في المنطقة والذي ستؤدي إلى المزيد من النجاح حيث تؤمن هيئة التقييس الخليجية بأن القيادة المشتركة للعملية التنظيمية إلى جانب أصحاب المصلحة هي المحرك الرئيسي للجان الفنية كمنصة أساسية للعملية التنظيمية بأكملها.