يعود استخدام الإطار في شكله الحلقي الدائري إلى زمن بعيد من تاريخ الإنسانية.
وجد الإنسان نفسه أمام أداة أقل ما يمكن وصفها بأنها ذات فاعلية في تسهيل حركة الأشياء ذهاباً وعوداً، ومكنته من تطوير صناعة العربات التي قام بجرها أو بمساعدة الحيوانات لتعينه على القيام بالأعمال الشاقة كنقل مواد البناء وتهيئة الأراضي للزراعة أو لقطع المسافات الشاسعة في الصحراء أو المناطق الجبلية الوعرة أو المغطاة بالثلوج.
يرجع أول استخدام للإطار كوسيلة مساعدة على الحركة إلى الإنسان في عصره الحجري حينما توجه نحو الصخر ونحت منه إطاراً دائرياً لعربته واستمر على هذا النحو زمناً طويلاً غير أن عيوبه المتعددة من ثقل الوزن وضخامة الحجم دفعته إلى التفكير بمواد أخرى أكثر جدوى فانتقل إلى صنع الإطار من الخشب ثم غطاه بحلقة من الحديد لإعطائه القوة اللازمة لتحمل ظروف الاستخدام المختلفة وشعر حينها بالفارق، غير أنها لم تكن مريحة وآمنة بالقدر الكافي؛ الأمر الذي جعله يبتكر طريقة جديدة في تغطية السطح الخارجي للعجلة بالجلود ليكون من أمر استخدام العربات أكثـر راحة بامتصاصها للصدمات وتحقيق مستوى من الثبات.
بدأ التحول في صناعة الإطارات مع اكتشاف الإنسان لمادة المطاط الطبيعي المستخرجة من أشجار الهيفيا Hevea المنتشرة في حوض نهر الأمازون وخاصة بغابات البرازيل حيث كان السكان يحدثون شقوقاً في جذع هذه الشجرة لاستخراج سائل أبيض لزج يتجمع في أوانٍ خاصة يمتاز بقوة شد عالية ومقاومة جيدة للقطع والتمزق. وصحيح أن استخدامه كان لفترة طويلة بدائياً غير أنه دخل حيز التحول من مادة خام إلى منتجات متعددة في عام 1839م حينما توصل تشارلز قوديير Charls Goodyear إلى طريقة تقسية المطاط بإضافة الكبريت أو ما يعرف اصطلاحاً بـ Vulcanization وهي عملية تسخين المطاط مع الكبريت فيتحول المطاط إلى من مادة لزجة إلى مادة مرنة ومثالية لصناعة الإطارات.
وفي عام 1845م قدم المهندس الأسكتلندي روبرت ثومبسن Robert Wiliam Thompson الإطارات الهوائية وكانت عبارة عن مجموعة من أنابيب المطاط Tubes المعبأة بالهواء والمغطاة بالجلد وكانت حينها تستخدم في العربات التي تجرها الخيول فلم تكن المركبات ولا الدراجات قد ظهرت ذلك الزمان.
يُعد البيطري الأسكتلندي جون دانلوب John Boyd Dunlop الأب الروحي للإطارات في صورتها الحديثة إذ يعود له الفضل في صناعة الإطارات وذلك عندما اخترع إطاراً لدراجة ابنه ذي العشر سنوات عام 1887م.
كان الإطار عبارة عن أنبوب جلدي داخلي وغطاء من المطاط، وفي العام التالي قام دانلوب بإطلاق اختراعه للعلن ولم يأت عام 1889م إلا وأصبح اختراعه منتشراً بفضل فوز دراجة تسير على إطارات هوائية بلقب منافسات بلفاست الإيرلندية، وهو ما أعطى اختراعه صيتاً حسناً لدى الناس في ذلك الوقت واعتبر عمله الأساس الذي تقوم عليها إطارات المركبات والدراجات في عالمنا المعاصر.
في عام 1940م أصبحت الإطارات تتألف من أنبوب مطاطي داخلي مضغوط بالهواء Inner Tube وغلاف مطاطي خارجي يرتبط بطوق العجلة. أمَّن هذا الإطار الهوائي Pneumatic Tires تماسكاً أفضل على الطريق وتطوراً ملحوظاً عن منتجات الإطارات المطاطية السابقة.
أما الغلاف الخارجي للإطار الهوائي فقد تطورت صناعته على يد ماريوس ميقنول Marius Mignol الذي كان يعمل باحثاً لدى شركة ميشلان وقدم عام 1946م الإطار الإشعاعي Radial Tire الذي يمتاز بوجود بطانة أو حشوة داخل الغلاف الخارجي تتكون من عدد من الأحزمة المطاطية تتخللها خطوط من الحبال المصنوعة من البلويستر أو الحديد الصلب المنحرف بدرجة 90 بالمئة بحيث تشكل إشعاعاً من مركز الإطار باتجاه حركة السير نحو جوانب الإطار، وهي الطريقة التي منحت الإطار هيئته المطلوبة والقوة والمرونة اللازمة.
دفعت عيوب الإطار الهوائي ذي الإنبوب الداخلي المتمثلة في عدم ملاءمة مقاس الأنبوب الداخلي مع حجم الغلاف الخارجي أو زيادة الحرارة الداخلية الناتجة عن الاحتكاك بينهما وكثرة الثقب والتعرض لتسرب الهواء الكامل Puncture دفع الكثيرين إلى تقديم حلول أكثر كفاءة كان منهم فرانك هيرز Frank Herzegh الذي نال عام 1946م ومن خلال شركة قودريتش Goodrich براءة اختراع عن الإطار الخالي من الأنبوب الداخلي أو ما يعرف بـ Tubeless Tire.
مثّل اختراع هيرز نقلة في مواصفات الإطارات المطاطية المعدة للاستخدام في المركبات ولم ينته عام 1952م إلا وأصبح اختراعه جزءاً قياسياً من كل السيارات الجديدة، وحتى اليوم تحمل هذه الإطارات الهوائية الخالية من الأنبوب المطاطي Tubeless Tireأكثر المركبات التي تسير في الطرق من حول العالم.
وما زالت كبريات الشركات الصانعة للإطارات تكثف جهودها من خلال مراكزها البحثية لتقديم ابتكارات جديدة في عالم إطارات المركبات تخرج بها عن الصورة السائدة للإطار المطاطي المتداول وبما يتناغم مع متطلبات المستقبل التي تحقق مفاهيم التنقل المستدام، فعلى سبيل المثال كشفت شركة ميشلان عن تصورها الجديد لإطارات المستقبل التي تستند على ثلاثة مكونات وهي أن تكون إطارات غير هوائية مصممة على شكل أنسجة متداخلة أشبه ما تكون بالشعب المرجانية ومصنوعة من مواد عضوية أو مواد معاد تدويرها، وأن تشتمل على مداس يتكيف حسب ظروف الطريق المختلفة من خلال إعادة طباعة المداس باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأخيراً ترتبط هذه الإطارات بأنظمة الكمبيوتر في المركبة بحيث تزود قائد المركبة بمعلومات عن حالتها بما يسمح له ببرمجة النظام الإلكتروني لإعادة طباعة مدارس الإطار وفقاً لظروف الطريق سواء كان معبداً أو وعراً أو رطباً.
وفي هذا الاتجاه تسير شركة قوديير بتقديم تصورها لإطارات المستقبل التي تأتي في تصميم كروي ترتبط بالمركبة بطريقة الرفع المغناطيسي ما يمكنها من السير في كل الاتجاهات وبزواية 360 درجة ويسهل عليها عملية الاصطفاف في الأماكن الضيقة والتنقل السلسل بين حارات الطريق، وبفضل تصميم المداس ذي الأخاديد المشابهة لأخاديد الشعب المرجانية وبخواص اسفنجية وتقنية استكشاف الظروف البيئية المحيطية بالمركبة تستطيع هذه الإطارات الكروية التكيف مع ظروف الطريق الرطبة منها والجافة.
يبدو أننا أمام مرحلة جديدة في تاريخ إطارات المركبات قد تختفي معها الإطارات التقليدية اليوم وتظهر إطارات بتقنيات ومواد خام أخرى جديدة تحيل الإطارات المطاطية إلى قاعات المتاحف ومعارض الابتكارات القديمة!.
*مدير مكتب الأمين العام – هيئة التقييس