قال أحدهم قديماً بأن “باب النجار مخلوع”.. ثم أصبح ذلك مثلٌ يضربه الناس للسخرية من أن أفضل من يقدم الخدمة للآخرين أو مساعدتهم عادة ما يكون غير مبالٍ وغير قادرٍ على مساعدة نفسه.
وثمة مثلٌ آخر في من يرى الرأي لغيره ولا يراهُ لنفسه، وهو خلاصة لقصة تضمنها كتاب “كليلة ودمنة” لأبطالها الحمامة والثعلب ومالك الحزين، ومن المؤكد بأنها معروفة للكثيرين.
كانت هذه مقدمة بسيطة لنا جميعاً حين نرى –أحياناً- الرأي والنصيحة لغيرنا ونهمله عن أنفسنا.
لن أتحدث في مقالتي هذه عن الأمثلة وقصصها ولكني سأعكسها على واقعنا في بعض التساؤلات المتعلقة بالعاملين في المؤسسات التي تهدف إلى مساعدة وحماية الناس، بالإضافة إلى من يدير حملات التوعية بشكل عام وتستهدف فئات مختلفة في المجتمعات.
فمن خلال المتابعة للأحداث والأخبار نشهد تزايد التفاعل لدى بعض الجهات في نشر التوعية وتقديم المعلومات والمشورة في مختلف المجالات.
فهل يطبق العاملون في تلك الجهات ومن يديرون حملات التوعية ما ينشرونه لتوعية غيرهم؟! وهل يعتبرون ذلك التزاماً بالنسبة لهم وجانب من السلوك، أم هم ممن يرى الرأي لغيره ولا يراهُ لنفسه.
ولأمثلة أكثر توضيحاً.. هل يحرص العاملون في وزارات الكهرباء والمياه على ترشيد الاستهلاك في منازلهم؟
وهل يتأكد العاملون في مؤسسات حماية المستهلك من تاريخ الصلاحية فيما يستهلكون عند الشراء؟
وهل يختار العاملون في أجهزة المواصفات والمقاييس إطارات سياراتهم بحسب المواصفات القياسية التي وضعوها؟ وهل يحرصون على تركيب أفضل الأسلاك والتوصيلات الكهربائية في منازلهم؟
وبغض النظر عن الإجابات التي ربما قد تكون بعضها سلبية.. ليس من الجيد أن ينادي أحدهم الناس لإصلاح أبوابهم ويهمل بابه.. فدعونا نكون ممن يرى الرأي لغيره ويراهُ قبل ذلك لنفسه.
*مدير تحرير مجلة التقييس الخليجي (2008-2017)
*رئيس التحرير (2017 حتى الآن)