بدأت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في عام 1960م بتطوير المواصفات القياسية الدولية للأغذية لأغراض حماية الصحة العامة والحد من اختلال التجارة الدولية للأغذية، وعينت لجنة الدستور الغذائي (الكودكس) لإدارة البرنامج ومقرها مدينة روما في إيطاليا، وتعتبر عضوية اللجنة مفتوحة لجميع الدول الأعضاء، والأعضاء المنتسبين لمنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية.
وقد قامت هيئة الدستور الغذائي باعتماد نقاط اتصال دولية في البلدان الأعضاء لتنسيق أنشطة الهيئة على الصعيد الوطني، ومن المهام الرئيسة للجنة الدستور الغذائي إعداد المواصفات القياسية الغذائية (المواصفات السلعية) ونشرها في الدستور الغذائي، بالإضافة للمواصفات العامة (عبارة عن مواصفات أو توصيات عامة) مثل: توسيم الأغذية، الإضافات الغذائية وأساليب التحليل وأخذ العينات التي تطبق بصفة عامة على جميع الأغذية لأنها ليست خاصة بمنتجات محددة.
ويقصد بالخطر (المجازفة) كل عامل يهدد سلامة الغذاء من العوامل البيولوجية أو الكيميائية أو الفيزيائية التي توجد في الغذاء أو حالة الغذاء التي من الممكن أن تتسبب في أثرٍ ضارٍ على صحة المستهلك.
وفي سياق سلامة الأغذية فإن مصطلح “المخاطر” يعني احتمال حدوث ضرر بسبب خطر ما، وشدة التأثير الضار الناجم عنه، ويتم تقييمه عن طريق تقييم المخاطر مما يساهم في تطبيق نُظمٍ فاعلة للحد من أخطار التلوث لضمان سلامة الأغذية وصلاحيتها.
أنواع الخطر المحتمل في سلسلة تداول المنتجات الغذائية.
تشمل أنواع الخطر التالي:
الخطر البيولوجي:
يعتبر الخطر البيولوجي الأكثر أهمية في سلامة الأغذية ويشمل الميكروبات البكتيرية والفيروسات والفطريات وسمومها والطفيليات وبيض الديدان، والتي عادة ما توجد في البيئة المحيطة بالمادة الغذائية كالتربة والهواء والماء إضافة إلى الإنسان والحيوان.
وتختلف طريقة التحكم في الخطر البيولوجي حسب نوعه والظروف المحيطة به، إذ يمكن التحكم في الاخطار البكتيرية عن طريق نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (HACCP) إذا كانت لها القدرة على النمو والتكاثر أو البقاء، بينما تصبح الممارسات الصحية الجيدة أكثر فاعلية في الحد من الخطر البكتيري الناجم عن التلوث من البيئة المحيطة.
الخطر الكيميائي
يُقصد بالخطر الكيميائي المبيدات الحشرية والمنظفات الصناعية التي تُستخدم في غسل خطوط الإنتاج مثل مواد التشحيم والزيوت والجازولين التي تسبب تلوث المادة الغذائية مما يجعلها ضارة وغير صالحة للاستهلاك البشري.
وأيضاً يكون الخطر الكيميائي محتمل في حالة تجاوز الحدود القصوى المسموح بها من مخلفات المضادات الحيوية، والهرمونات ومحفزات النمو ومضافات الأغذية مثل برومات البوتاسيوم المسرطنة والملوثات البيئية التي تشمل المعادن الثقيلة مثل الزرنيخ، الكادميوم، الرصاص، الزئبق، السلنيوم والخارصين.
ويعتبر الخطر الكيميائي من أصعب أنواع الأخطار من حيث تطبيق نقاط التحكم الحرجة خاصة في مراحل التصنيع لذلك يُعتمد بصفة أساسية على الإجراءات التي تساهم في السيطرة على المواد الخام باعتماد مصادر الموردين وتطبيق برامج توكيد الجودة في سلسلة تداول المنتجات الغذائية.
الخطر الفيزيائي
يعرف الخطر الفيزيائي بأنه أي مادة أو مواد غريبة تدخل أثناء عمليات الحصاد والإنتاج الأولي أو تدخل أثناء عمليات التصنيع وقد تسقط تلك المواد من العمالة عن قصد أو غير قصد وتصل في المنتج النهائي إلى المستهلك.
ومن أمثلة الخطر الفيزيائي: الشعر، الأوساخ، الدبابيس، قطع أمواس الحلاقة، الزجاج (أخطر أنواع الخطر الفيزيائي)، الحشرات وبيضها، براز القوارض، شظايا الزجاج، السجاير وشظايا العظام.
ولا يشكل الخطر الفيزيائي قدر كبير من الأهمية مثل التي تُعطى للخطر البيولوجي والكيميائي لأنها عادة ما تسبب أذى محدود لمجموعة قليلة من المستهلكين يتمثل في: الجروح أو النزيف، وقد تحتاج لإزالتها عمليات جراحية، وليس لها تأثيرات وبائية تهدد الصحة العامة، إلا أنها في سياق سلامة الأغذية تتطلب تدابير في تصميم المنشآت الغذائية بغرض السيطرة عليها.
مفهوم تحليل المخاطر
يُقصد بنظام تحليل المخاطر تحديد مصادر الخطر وتقدير قدر المخاطر وتأثيرها بمشاركة المؤسسات الصناعية والجهات التشريعية الحكومية والمستهلكين والجهات الرقابية والجهات البحثية والمستهلكين.
وفيما يلي توضيح للعناصر الثلاثة لتحليل المخاطر:
العنصر الأول: تقييم المخاطر
عبارة عن عملية علمية لتحديد وتقييم مصادر الخطر الكامنة بالغذاء والمخاطر المتعلقة بها وهي تتكون من أربع مكونات:
- تحديد مصادر الخطر.
يتم ذلك عن طريق البيانات العلمية والوبائية والبيانات الأخرى لربط مصادر الخطر البيولوجية والكيميائية والطبيعية مع الأضرار التي تصيب المستهلكين، وهذه العملية تشمل كميات وتكرار وأماكن حدوث هذه العوامل التي تسبب أمراض أو أضرار للإنسان.
- تقييم الجرعة والاستجابة.
وهي تقدير كمية الأضرار اللازمة لإحداث المرض وحدته على أساس المعلومات المتاحة.
- تقييم التعرض.
وهي تقدير احتمالية وصول أو استهلاك مصدر الخطر إلى أو بواسطة الشخص المعرض له من بين المجتمع (النواحي الديموجرافية “السكانية” من ناحية التعداد ونمط التغيرات العمرية ونقص المناعة عند السكان).
- توصيف الخطر.
وهي عبارة عن استقاء النتائج من الخطوات السابقة لتقدير شدة المرض تحت الظروف المختلفة من تعرض الإنسان للخطر والملابسات المصاحبة لذلك.
العنصر الثاني: إدارة المخاطر
تم تعريف إدارة المخاطر بأنها تقييم البدائل المختلفة لإجراءات التحكم في المخاطر والاختيار بين هذه البدائل بما في ذلك عدم إجراء أي شيء وطريقة تنفيذها ومن هو المسؤول عن ذلك (مدير فريق المخاطر) وتقييم هذه المخاطر، وقد تمتد إدارة المخاطر “أو لا تمتد” إلى أشخاص خارج المنشأة.
العنصر الثالث: اتصالات المخاطر
تُعرف اتصالات المخاطر بأنها التبادل النشط للمعلومات والآراء بين الأشخاص والمجموعات والأقسام حول طبيعة المخاطر وما يتخذ من إجراءات سواء تشريعية أو إرشادية لإدارة هذه المخاطر. وتعتبر أهم خطوة في تحليل المخاطر.
الخاتمة
تُشجِّع لجنة دستور الأغذية تبنِّي الأنظمة التي تساهم في تحديد مكامن الخطورة المحتملة بصورها الثلاث (البيولوجية، الكيميائية والفيزيائية) في مختلف مراحل السلسلة الغذائية، وبتطبيق إجراءات التحكم والرقابة قليلة التكلفة من أجل سلامة وصحة الغذاء.
ويجب أيضاً على المستهلك، والجهات التشريعية الحكومية، ورجال الصناعة المهتمين بسلامة الغذاء أن يكونوا على اتصال لتبادل المعلومات عن المخاطر المحتملة وطرق تقليلها والعمل بصورة جماعية لتأمين سلامة الغذاء من المزرعة إلى المائدة.
المصادر.
- عثمان، ع.أ وآخرون.(2007). تحليل المخاطر والنقاط الحرجة (هسسب) وتطبيقاته في سلامـة الغذاء. المجلة العلمية للمواصفات والمقاييس. المجلد الأول (العدد الثاني) ص 21 – 29.
- عثمان، ع.أ.(2009). الغذاء الحلال الإمكانيات المحتملة في السودان عبر العلم والتطور: (النسخة الإنجليزية- الطبعة الأولى). شركة مطابع السودان للعملة المحدودة.
- عثمان، ع.أ.(2011). المنتجات الغذائية ذات الأصل الحيواني: متطلبات الجودة والسلامة طبقا للمواصفات القياسية. شركة مطابع السودان للعملة المحدودة.
- عثمان، ع.أ.(2013). الممارسات الجيدة: المعايير في سلسلة المنتجات الغذائية ذات الاصل الحيواني. شركة مطابع السودان للعملة المحدودة.
*خبير في مجال الجودة وسلامة الأغذية – الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس