تُعتبر المواصفات القياسية والقواعد الفنية الخاصة بالغذاء ضرورية لضمان سلامة وجودة المنتجات الغذائية في سلسلة الإمداد الغذائي، إذ أنها تحكم الجوانب المختلفة لإنتاج الأغذية ومعالجتها وتوزيعها وبيعها، وتضمن سلامة المستهلك، وتوفر معرفة البيانات ببطاقات المواد الغذائية.
وتُعتبر هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من هيئات التقييس الإقليمية التي تهدف إلى توحيد أنشطة التقييس المختلفة بما فيها المنتجات الغذائية ومتابعة تطبيقها والالتزام بها بالتعاون والتنسيق مع أجهزة التقييس الوطنية بالدول الأعضاء. ويُعزى الاهتمام العالمي بالمواصفات القياسية واللوائح الفنية الخاصة بالأغذية للعديد من الأسباب نذكر منها على سبيل المثال:
- زيادة الطلب على الغذاء ذو الجودة العالية والآمن صحياً بسبب الزيادة المتوقعة في سكان العالم.
- ازدياد نسبة الأمراض المنقولة بالغذاء بسبب الخطر البيولوجي (البكتريا والطفيليات) والخطر الكيميائي (المبيدات، الملوثات ومضافات الأغذية) والتي أصبحت مهدد لحياة الأفراد مثل الأطفال والمسنين ومرضى نقص المناعة.
- ازدياد الوعي الجماهيري والمؤسسي ومنظمات حماية المستهلك بسلامة الأغذية ومحاربة الغش والتدليس.
- التوسع العمراني الذي جعل من سكان المدن يعتمدون أكثر من غيرهم على تناول الأغذية الطازجة والمجمدة كالأسماك واللحوم الحمراء ولحوم الدواجن ومنتجات الألبان مما جعل المؤسسات الصناعية تهتم بجودة وسلامة المنتجات الغذائية.
- اهتمام المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة الدولية ولجنة دستور الأغذية بتطوير المواصفات القياسية الغذائية التي تضمن جودة وسلامة المنتجات الغذائية في التجارة الدولية.
منظمة التجارة العالمية
منظمة التجارة العالمية (WTO) هي منظمة دولية تأسست عام 1995م لتنظيم وتعزيز التجارة الدولية وضمان تجارة سلسة يمكن التنبؤ بها وتتدفق بِحُرِّية بين الدول الأعضاء. وتشمل المهام الرئيسة للمنظمة المفاوضات التجارية، وتسوية المنازعات، ومراجعة السياسات التجارية، والمساعدة الفنية والتدريب، والمعاملة الخاصة والتفضيلية للبلدان النامية والأقل نمواً، والجوانب المتعلقة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس)، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية 164 دولة، مع وجود العديد من الدول الأخرى في طور الانضمام.
اتفاقية الصحة والصحة النباتية
اتفاقية الصحة والصحة النباتية (SPS) هي اتفاقية دولية تابعة لمنظمة التجارة العالمية، تهدف إلى تأسيس حزمة من القواعد الدولية حول المعايير والاشتراطات والتدابير ذات العلاقة بالصحة الحيوانية وصحة النبات وسلامة الغذاء.
وتُعرف تدابير الصحة والصحة النباتية بأنها أي إجراءات تطبق لحماية حياة أو صحة الإنسان، أو الحيوان، أو النبات داخل أراضي بلدٍ ما، من المخاطر الناشئة عن الآفات النباتية (الحشرات والبكتيريا والفيروسات)، والمخلفات (المبيدات الحشرية أو الأدوية البيطرية)، والملوثات (المعادن الثقيلة)، وسموم الكائنات المسببة للأمراض في الأطعمة والمشروبات والأعلاف، ومنع وحصر الأضرار الناتجة عن انتشار الآفات والأمراض المنقولة بالحيوانات.
وتتضمن إجراءات الصحة والصحة النباتية كل القوانين واللوائح والقواعد المنظمة والمتطلبات المتصلة بمعايير المنتج الغذائي النهائي (الإنتاج والتصنيع، التفتيش، أخذ العينات والاختبار، التعبئة والبطاقة التعريفية وإجراءات الموافقة واستخراج الشهادات (، ومعاملات الحجر الصحي للنبات والحيوان، وإجراءات وأساليب تقدير المخاطر.
وتشير المبادئ الأساسية لهذه الاتفاقية إلى مبدأين مهمين هما:
- عدم التمييز بين المنتجات المحلية والمستوردة.
- اعتماد الأساس العلمي في تقييم الأخطار، ويستثني تطبيق مبدأ الأساس العلمي في حالة المبدأ الوقائي.
وتسهيلاً لتطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية تطالب ديباجة الاتفاقية جميع الدول الأعضاء في المنظمة باحترام الإرشادات والتوصيات الصادرة بشأن صحة الإنسان والنبات والحيوان الصادرة من الهيئات الدولية التي تُعرف بالأخوات الثلاثة وهي: لجنة دستور الأغذية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، والاتفاقية الدولية لوقاية النباتات.
إخطار منظمة التجارة العالمية بتدابير الصحة والصحة النباتية
تتطلب اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إخطار منظمة التجارة العالمية بالتدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية المقترحة أو المنفذة حديثًا والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على التجارة الدولية.
وتتطلب الاتفاقية أيضاً من الدول الأعضاء تعيين هيئة إخطار مركزية لنشر المعلومات حول هذه التدابير، وتحدد أطر زمنية محددة للإخطارات، مما يسمح للأعضاء بمراجعة المخاوف وإثارتها قبل التنفيذ. ويجب أن يحتوي الإخطار على معلومات مفصلة حول الإجراء المقترح وأهدافه والمبرر العلمي وتاريخ اعتماده المتوقع.
وعند تلقي الإخطار، يمكن لأعضاء منظمة التجارة العالمية مراجعة المشاورات والمشاركة فيها لمعالجة أي مخاوف، والتأكد من أن الإجراء يستند إلى أسس علمية سليمة وضمان أن تكون التدابير المقترحة مبررة علمياً، وغير تمييزية، ولا تخلق عقبات غير ضرورية أمام التجارة الدولية.
وعندما تنوي إحدى الدول الأعضاء إنشاء أو تغيير معيار لسلامة الأغذية، يتعين عليها إخطار منظمة التجارة العالمية. على سبيل المثال، إذا كانت دولة ما تخطط لتنفيذ لوائح جديدة بشأن الحد الأقصى المسموح به لبقايا المبيدات الحشرية في الفاكهة، فسوف تقوم بإخطار منظمة التجارة العالمية من خلال عملية الإخطار الخاصة بتطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية. وهذا يسمح للأعضاء الآخرين في منظمة التجارة العالمية بمراجعة وتقييم التأثير المحتمل على التجارة الدولية وتقديم التعليقات أو إثارة المخاوف إذا لزم الأمر.
أهمية المواصفات واللوائح الفنية الخليجية في سلامة الأغذية
- تحدد المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية المستويات القصوى للعناصر المعدنية الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والزئبق والكادميوم، بجانب تحديد مستويات المبيدات والسموم الفطرية والحدود القصوى المسموح بها من بقايا الأدوية البيطرية في الأغذية حيث يتم تحديد حد أقصى لا تتعداه ويعبر عنها -حد أقصى-.
- تتطلب المعايير الميكروبيولوجية للسلع والمواد الغذائية خلو المنتج الغذائي من البكتريا المسببة للأمراض مثل السالمونيلا.
أمثلة على المواصفات واللوائح الفنية الخليجية التي تفي بتدابير الصحة والصحة النباتية وتتوائم مع التوصيات الدولية:
الرقم | اسم المواصفة أو اللائحة الفنية |
GSO 193:2021 | الملوثات والسموم في الأغذية والأعلاف |
GSO 2481:2021 | الحدود القصوى المسموح بها من بقايا الادوية البيطرية في الأغذية |
GSO: 2605:2021 | الإفصاح عن مسببات الحساسية في قائمة وجبات المنشآت الغذائية التي تقدم الطعام للمستهلك خارج المنزل |
GSO 2700:2022 | الحدود القصوى لهجرة مكونات عبوات المواد الغذائية |
GSO CAC/GL 30:2017 | مبادئ وإرشادات تقييم المخاطر الميكروبيولوجية في الأغذية |
الخاتمة
تلعب المختبرات المعتمدة وفق المواصفة القياسية الخليجية المعتمدة ISO/IEC 17025 لتقييم مختبرات الفحص ذات العلاقة بالمقاييس دوراً مهماً في إجراء طرق الفحص والاختبار وتحليل الملوثات الكيميائية والبيولوجية في الأغذية.
كما يتم بصفة دورية تطوير وتحديث المواصفات القياسية واللوائح الغذائية في ضوء مخرجات الأبحاث والدراسات العلمية الجديدة، وتفضيلات وخبرات المستهلك المتغيرة، وتُعتبر الملاحظات والمرئيات الواردة من أصحاب المصلحة في الصناعة والمستهلكين أمرًا حيويًا في التحسين المستمر للمواصفات القياسية واللوائح.
ويتيح الامتثال وتطبيق المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية المتوائمة مع المواصفات الدولية فرصاً لمنتجي الأغذية للوصول إلى الأسواق العالمية، مما يزيد من إمكانات التصدير والنمو الاقتصادي في دول الخليج.
* خبير في مجال الجودة وسلامة الأغذية