في زمن كوفيد-19: ما مدى دقة وموثوقية قياس درجة حرارة جسم الإنسان؟

تماضر صالح سعيد *

لا يخفى على أحد مدى أهمية قياس درجة حرارة جسم الإنسان في ظلّ تفشي جائحة كورونا، حيث أوضحت منظمة الصحة العالمية أن الحمى تعتبر من الأعراض الأكثر شيوعاً إلى جانب أعراض أخرى مثل الإرهاق والسعال الجاف وغيره. ولكن.

ما هي أجهزة القياس الأمثل؟ وما هي ميزاتها وعيوبها؟

وكم تبلغ نسبة الخطأ في قياساتها؟ وهل يمكننا الاعتماد عليها اعتماداً كلياً؟

وما نتيجة الأخطاء الناجمة عن طريقة القياس غير الدقيق في اتخاذ القرار؟

ما هي درجة الحرارة وما هي مقاييسها؟

درجة الحرارة هي مظهر من مظاهر الطاقة الحرارية، وهي خاصية فيزيائية للمادة تعبر عن مدى سخونة الجسم أو برودته من الناحية الكمية، وتحدد اتجاه انتقال الحرارة.

تُقاس درجة الحرارة بالثيرمومتر (المحرار)، والمقاييس المتعارف عليها لدرجات الحرارة هي السلسيوس (التدريج المئوي) والفهرنهايت والكلفن. وعلى الرغم من أن الأخير هو المقياس المعتمد في النظام الدولي للوحدات لقياس درجة الحرارة إلا أن السلسيوس هو المقياس الأكثر شيوعاً.

كم تبلغ درجة حرارة جسم الإنسان؟

إن نطاق درجة حرارة جسم الإنسان 36.5 – 37.5 درجة مئوية، وعامة نقول درجة حرارة الجسم العادية يجب أن تكون في حدود 37 درجة مئوية. وتبعاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية فإن 32 درجة مئوية تُعتبر انخفاضاً شديداً بينما 38 درجة فأكثر هي ارتفاعاً شديداً في درجة حرارة الجسم.

ما هي كاميرات التصوير الحراري؟

دفعت جهود مسؤولي الصحة العامة للحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) إلى استخدام عملية فحص سريعة للكشف عن الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم.

ونظراً لأن الحمى الشديدة من أعراض الإصابة بالفيروس، فقد نصح الكثيرون باستخدام كاميرات التصوير الحراري كإحدى الوسائل لتحديد المصابين المحتملين بفايروس كورونا بسرعة وفعالية، على الرغم من أن استخدام أجهزة الأشعة دون الحمراء لقياس درجات حرارة سطح الجسم له مزايا عديدة، إلا أن هناك متغيرات بشرية وبيئية وعوامل أخرى يمكن أن تؤثر على دقة القياسات، وهذه المتغيرات تُعطي قراءات سلبية كاذبة.

إن فكرة التصوير الحراري بسيطة. جميع الأشياء فوق الصفر المطلق (صفر كلفن) تنبعث منها الأشعة دون الحمراء وهي غير مرئية للعين البشرية، ولكنها تترك أثراً حرارياً يُستدل به عليها، يمكن اكتشافها بواسطة كاميرات التصوير الحراري.

تكتشف هذه الكاميرات إشعاع الأشعة دون الحمراء غير المرئي المنبعث من جسم ما وتحوله إلى صورة أحادية اللون أو متعددة الألوان على شاشة عرض حيث تمثل الظلال أو الألوان المختلفة الأنماط الحرارية على سطح الجسم.

جهاز قياس درجة الحرارة بواسطة الأشعة دون الحمراء عن بُعد (دون ملامسة سطح الجسم المراد قياس درجة حرارته).

هناك نوع أخر من أجهزة الأشعة دون الحمراء يُعطي قياساً لدرجة الحرارة فقط، ويسمى مقياس الإشعاع النقطي أو مقياس الحرارة بالأشعة دون الحمراء (مسدس قياس الحرارة بالأشعة دون الحمراء). ومن المهم للغاية توضيح أنه ليس بمقدور هذه الأجهزة الكشف عن الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد-19 ولكنها فعالة في اكتشاف الأشخاص الذين يعانون من الحمى (ارتفاع درجة حرارة الجسم عن المعدل الطبيعي)، إذا اُستخدمت استخداماً صحيحاً.

الميزات:

  1. لا يصدر أي إشعاع ضار.
  2. لا يتطلب استخدام أي مواد كيميائية.
  3. يعطي نتائج فورية يمكن تحليلها في الحال.
  4. يمكن تسجيل البيانات والاحتفاظ بها على ذاكرة الجهاز مباشرة.
  5. سهل الحمل والاستعمال.
  6. يقيس درجة الحرارة من 32 الى 42.9 درجة مئوية.
  7. يقيس درجة الحرارة المحيطة من 0 إلى 100 درجة.
  8. تتراوح مسافة القياس للجسم بين 5 الى 15 سنتمتر.

مصادر الخطأ في قياس درجة حرارة الجسم بواسطة الأشعة دون الحمراء (دون الملامسة)

هناك العديد من المتغيرات التي يمكن أن تؤثر تأثيراً كبيراً على دقة قراءات درجات حرارة سطح الجسم، وأهم مصادر الخطأ المحتملة المرتبطة بقياس درجة الحرارة قد يكون مصدرها جسم الإنسان أو البيئة المحيطة أو جهاز مقياس الحرارة نفسه.

أولاً: جسم الإنسان

هناك عدة عوامل يمكنها أن تؤدي إلى تغيرات كبيرة في درجة حرارة سطح الجسم منها مشاكل الدورة الدموية والالتهابات واستخدام بعض الأدوية. كذلك يمكن أن يؤدي العرق أو رطوبة سطح الجسم إلى انخفاض في درجة حرارة سطح الجسم، كما أن النشاط البدني واستخدام المنشطات بما في ذلك الكافيين والنيكوتين كلها قادرة على زيادة درجة حرارة سطح الجسم. وعموماً تتغير درجة الحرارة الطبيعية في حدود 0.6 درجة مئوية خلال اليوم، اعتماداً على مدى نشاط الإنسان وكذلك فهي ليست ثابتة خلال اليوم وتتغير تبعاً للوقت الذي أُخذ فيه القياس، وكذلك درجة حرارة الجسم حساسة للغاية لمستويات الهرمون.

ثانياً: البيئة المحيطة:

يمكن أن تتسبب درجة حرارة الهواء المحيط في حدوث تغيرات كبيرة في درجة حرارة جسم الإنسان. على سبيل المثال، إن قياس درجة حرارة شخص وهو داخل سيارة ساخنة، سوف يُعطي قراءة عالية غير حقيقية لدرجة الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب تيارات الهواء الساخنة أو الباردة في تغيرات كبيرة في درجة الحرارة أيضاً. وأخيراً، يمكن أن تؤدي مصادر الحرارة أو البرودة المركزية أيضاً إلى رفع أو خفض درجة حرارة سطح الجسم.

ثالثاً: أجهزة قياس درجات الحرارة:

إن أجهزة قياس درجات الحرارة ليست ذاتية التشخيص، بالإضافة إلى ذلك، بسبب الافتقار إلى التوحيد القياسي بين الشركات المصنّعة لهذه الأجهزة، يمكن أن ينتج ذلك اختلافات كبيرة في الأداء بين الماركات والموديلات المختلفة للمعدات.

فيما يلي بعض أهم المعايير التي تؤثر على دقة قياس درجة الحرارة:

  1. يجب أن تكون المسافة المثلى بين الجسم والجهاز 5 سنتمترات، وإذا اُستخدمت من مسافة بعيدة جداً أو قريبة جداً ينتج عن ذلك درجات حرارة إما مرتفعة جداً أو منخفضة جداً.
  2. حجم قياس البقعة هو المنطقة التي تستمد منها بيانات درجة الحرارة. لسوء الحظ، لا توفر معظم الشركات المصنعة لهذه الأجهزة بيانات تتعلق بحجم البقعة لأدواتهم؛ ويقدم البعض الآخر بيانات غير كاملة أو غير دقيقة، ولضمان الدقة، يجب أن يكون حجم قياس بقعة مقياس الإشعاع دائماً أصغر من الهدف الذي يتم قياسه.
  3. من أجل معالجة بيانات درجة الحرارة بدقة يتطلب الحصول على درجة حرارة دقيقة مع هذه الأجهزة أن يبقى الشخص ثابتاً عدة ثوانٍ أثناء عملية القياس.
  4. مواصفات الدقة النموذجية لقياس درجة الحرارة هي ± 2٪ من درجة الحرارة المستهدفة (كما تعلنها معظم شركات بيعه) أو 2 درجة مئوية، أيهما أكبر. مع أخذ ذلك في الاعتبار، يمكن أن يعطي القياس درجة حرارة 39 درجة مئوية (حمى) لشخص درجة حرارته طبيعية (37 درجة مئوية)، أو يمكن إبلاغ شخص يعاني من حمى (38 درجة مئوية) بأن درجة حرارته منخفضة 36 درجة مئوية (أقل من الطبيعي).

ومن خلال جميع ما ذكر أعلاه يبرز الدور الحيوي الذي تلعبه المقاييس في دعم أنظمة القياس العالمية ومساعدة المجتمع والاقتصاد على التعافي، وكذلك هي تذكير مهم بمدى أهمية خدمات المقاييس في استمرار تسيير قطاعات الدولة المختلفة، وقدرات القياس اللازمة لتطوير معايير حاسمة للتشخيص الجزيئي لضمان أن مجموعات الاختبار لـكوفيد-19 تُعطي نتائج دقيقة، وذلك لتقليل أي أخطاء منهجية في بيانات الاختبار.

* فيزيائية بمختبرات القياس والمعايرة – الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس

المصادر:

  1. https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-public/q-a-coronaviruses
  2. “Thermal Imaging for Detecting Potential SARS Infection”, https://irinfo.org/06-01-2003-seffrin/
  3. https://www.prttec.com/2019/11/infrared-thermometer-body.html
  4. https://ennologic.com/product/dual-laser-infrared-thermometer-et650d/
  5. https://arabian-chemistry.com/
تماضر صالح
Comments (0)
Add Comment