المترولوجيا.. وتحديات كوفيد 19

تماضر صالح سعيد *

المترولوجيا هو علم القياس وتطبيقاته، ومصطلح المترولوجيا عُرّف بدقة في القاموس الدولي للقياسات 1993 (VIM) على أنه “إجراء عملية القياس مع تحديد نسبة الخطأ المترتبة على عملية القياس”.

لذا فالقياس في عصرنا الحديث أضحى بمثابة أسلوب للتعامل ولغة معتمدة للتخاطب بين المؤسسات الصناعية والتجارية التي تشابكت أنشطتها وتداخلت فيما بينها حتى أصبحت أنماطاً متكاملةً تعمل لصالح النشاط الإنساني.

يجعل نشاط المترولوجيا الحياة الحديثة أسهل وأكثر راحة، ويوفر اللغة المشتركة التي تمكِّن جودة التصنيع والتجارة العالمية العادلة والتبادل العالمي للبيانات والمعرفة العلمية.

يشهد العالم حالياً جائحة كرونا حيث يجتمع علماء القياس من جميع أنحاء العالم تقريباً للتعامل مع هذه الجائحة، ومع هذه الحاجة الملحة فإن علم القياس هو ما يوفر الأساس لمقارنة بيانات البحث وتفسيرها بدقة، مما يجعل الاتصال التقني موثوقًا، وهو كذلك أمراً بالغ الأهمية لتصنيع اللقاحات وإجراء الفحوصات والاختبارات ومن ثم وصف العلاجات اللازمة للرعاية الصحية للجميع [1].

وتُعتبر موثوقية نتائج الاختبار والاعتماد والقياس والشهادات والمعايير ضرورية لضمان قدرة الخدمات الصحية على مكافحة الفيروس التاجي الجديد، والحفاظ على استمرارية سلاسة التوريد الحيوية أثناء الإغلاق، وتطوير التقنيات الجديدة التي يتم إنشاؤها لمعالجة الأزمة، ولضمان الصحة والسلامة المهنية والمرونة التنظيمية في فترة ما بعد الأزمة [2].

وللتغلب على هذه الجائحة لابد من تأكيد الدور الحيوي الذي تلعبه المقاييس في دعم أنظمة القياس العالمية ومساعدة المجتمع والاقتصاد على التعافي، وكذلك هي تذكير مهم بمدى أهمية خدمات المقاييس “المعتادة” في استمرار تسيير قطاعات الدولة المختلفة -من خدمات المعايرة إلى تحديات القياس الصعبة- وزرع الثقة في الحلول لمشاكل القياس الجديدة، مثل “كوفيد-19” أو اختبار الأجسام المناعية، حيث من المهم أن تكون قادرًا على الوثوق بقياسات درجة الحرارة أو التأكد من أن إمدادات الأكسجين هي بالمقدار المطلوب بدقة [3].

وهنا يبرز الدور الفاعل والمهم لمختبرات القياس الوطنية بتقديم الخبرة الفنية الأساسية وقدرات القياس اللازمة لتطوير معايير حاسمة للتشخيص الجزيئي لضمان أن مجموعات الاختبار لـكوفيد-19 تُعطي نتائج دقيقة. وتطوير هذه المعايير بالتعاون مع معاهد المقاييس الدولية الأخرى، فضلاً عن أصحاب المصلحة الرئيسيين في الصناعة والأكاديميين من جميع أنحاء العالم وذلك لتقليل أي أخطاء منهجية في بيانات الاختبار، وتطوير أدوات قياس جديدة للكشف عن الفيروس والأجسام المناعية، وفهم ديناميكية الفيروس وطفراته للتمكن من استهدافه بفعالية باللقاحات والعلاجات، ومساعدة الزملاء في الصناعة في جميع أنحاء مجتمعنا البحثي الذين يبذلون مجهوداً جباراً لتلبية متطلبات معدات الحماية الشخصية واللقاحات والعلاجات والاختبارات والمعرفة التي نحتاجها لمواجهة تحديات هذا الفيروس الجديد [3].

يقول آندي هينسون، مدير إدارة الاتصال الدولي في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM): “المعايير والاختبارات مهمة، ولكن الداعم الأساسي لهما هو المترولوجيا، إذا لم تحصل على الإجابات الصحيحة في هذا النوع من الأزمات، فستكون لديك كارثة مطلقة في المستقبل تتجاوز الكارثة الحالية”[2] .

* فيزيائية بمختبرات القياس والمعايرة – الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس

المراجع:

[1]https://www.npl.co.uk/world-metrology-day-2020

[2] https://www.unido.org/news/new-publication-mark-world-metrology-day-2020

[3]https://www.nist.gov/blogs/taking-measure/world-metrology-day-measurements-medicine

تماضر صالح
Comments (0)
Add Comment