المستهلك.. وقوة المعرفة

د. هيثم حسن عبد السلام *

ليس بغريب أن يجد المستهلك نفسه أمام تحديات كثيرة تواجهه في خضم الأمواج المتلاطمة لمد السوق وجزر الأسعار المتصاعدة، فتهوي به حيناً وتطفو به تارة أخرى، وما بين هول الإثنين، يظل المستهلك هو صاحب السيادة والقرار الأوحد في حق الشراء، فكل المنتجين الذين يتحملون المسؤوليات الجسام لتوفير السلع والخدمات المختلفة ويتفننون في عرضها بشتى الوسائل، لا هدف لهم سوى تحريك رغبات المستهلك الشرائية والتأثير عليه ليُخرج من حر ماله ما يعتقد أنه يسد ويلبي حاجياته وتطلعاته.

“المعرفة قوة”، وقوة المستهلك هنا تكمن في معرفته الكبيرة باحتياجاته أولاً، ومن ثم ماذا يمكن أن تحققه له هذه السلعة أو الخدمة؟، والمعرفة هي مجموعة التجارب الشخصية والخبرات العلمية والمعلومات التراكمية التي يستقيها الفرد من المجتمع أو أي مصادر أخرى في الحياة، وهنا يكون الفرق بين المستهلك الايجابي الذي يحدد ما يريد ويستطيع بذلك أن يصل لبر الأمان عبر سفينة المعرفة، وبين المستهلك الذي ينساق وراء كل جديد وكل إعلان براق، فيجد نفسه في وسط الأمواج العالية فيترنح يمنة ويسرى، والنتيجة (غرق الجيب) ، وضياع الاحتياجات .

فالمطلوب من المستهلك أن يجتهد في تكوين قاعدة معرفية لنفسه يتسلح بها في مواجهة المد الإعلاني الكبير للمنتجات المختلفة، وأن يحمل (فانوس المعرفة) في ليل الأسواق الحالك، وأن يفتح بنور شمسها طرقات النهار توفيراً لاحتياجاته وفق أسس شراء واضحة ومحددة.

ويا عزيزي المستهلك تخير ما تريد ولا تدخل يدك في جيبك إلا بعد التأكد من أن المنتج المقدم لك يلبي كل احتياجاتك بعيداً عن الإسراف والتكرار في الطلبات، متوازناً في السعر، متوافقاً مع الجودة والمواصفات، فأنت صاحب القرار والمحرك الأول للسوق.

وبلا شك أن المعرفة مكتسبة، وتشكل قوة كبيرة للمستهلك، فعلي جميع هيئات التقييس وكيانات حماية المستهلك الرسمية والطوعية الاجتهاد أكثر في تعليم وتوجيه أفراد المجتمع بأهمية المعرفة خصوصاً ونحن نواجه التحديات في توفير احتياجاتنا اليومية، ولتكن البداية من تعريف أطفالنا بفنون الشراء، وترشيد الانفاق؛ ولنتسلح جميعاً بالمعرفة، فقوة المستهلك هي معرفته!

* متخصص في شؤون المستهلك، مدير العلاقات العامة والإعلام، بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس.

د. هيثم عبد السلام
Comments (0)
Add Comment