عشرات الوقائع المتعلقة بجرائم التزوير والغش والتقليد والتلاعب بالعيارات القانونية للمصوغات والمشغولات الذهبية من قبل بعض مزاولي المهنة في بعض البلدان، ومع ذلك يتم بيعها في محلات بيع الذهب والمجوهرات على أنها ذهب خالص في شكل سبائك أو مشغولات، مما استدعى أغلب المستهلكين إلى رفع أصواتهم ومطالبتهم للجهات المعنية بضبط تلك المصوغات الذهبية المتداولة بشكل غير قانوني في الأسواق كونها لا تتطابق مع المعايير القانونية المعتمدة.
تعتبر المصوغات والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة إحدى ثروات الدخل القومي للدول، حيث يعتبر الذهب أكثرها شيوعاً ووفرة وبعيارات مختلفة بحسب اختلاف رغبات وعادات الشعوب. ففي الهند مثلاً يتم تفضيل الذهب بعيار (22)، أما في المنطقة العربية فيفضلون عيار (21)، وفي الدول الأوروبية عيار (18) وكذلك عيارات مختلفة أقل من عيار (18).
هذه الثروة التي تعتبر إحدى السلع الاقتصادية الهامة والرافدة للاقتصاد الوطني والتي يتوجب على الجميع المحافظة عليها جعلت الحكومات في أغلب البلدان تهتم بها من خلال إنشاء أجهزة وطنية معنية بإصدار القوانين التي تنظم العملية الرقابية لمزاولة وتداول هذه المهنة، وقد عملت أغلب الأجهزة في كثير من الدول على إيجاد نصوص قانونية تتيح لها وضع علامة رسمية خاصة بالمصوغات الذهبية والمعادن الثمينة (الذهب، الفضة، البلاتين والأحجار الكريمة) وذلك لإثبات عيارها القانوني وتسمى بـدمغة المصوغات، حيث يُلزم الصناع والتجار على العمل بها واستعمالها كعلامة تثبت العيار القانوني للمشغول الذهبي وغيرها من المعادن الثمينة، وللحد كذلك من عملية التلاعب أو الغش والتزوير، حيث يتم فحص وتحليل المصوغات الذهبية في المختبرات المعتمدة ودمغها بعلامة المعيار وعلامة الورشة المصنعة وتاريخ الصنع وتسجيل ومنح التراخيص لمزاولة العمل لمن يقوم بصياغة وبيع وشراء المصوغات والمعادن الثمينة وفقاً للأنظمة والإجراءات واللوائح المعتمدة، ناهيك عما تقوم به تلك الأجهزة من إلزام المتعاملين بالمصوغات أو المشغولات الذهبية كأصحاب ورش الصياغة بمعايير الجودة من أجل الارتقاء بالمنتج إلى مستوى المنافسة عالمياً.
كما يتم أيضاً تحديد عدة اشتراطات يجب توفرها في الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة؛ تتعلق بحصول المستهلك على شهادة مطابقة من مختبر معتمد يوضح فيها مطابقة المنتج للمواصفات والمقاييس المطلوبة، وكذلك إلزام محلات بيع الذهب باستخدام موازين دقيقة عند البيع ووضعها في أماكن معزولة على أن تكون قراءة الميزان ظاهرة للمستهلك وعليه الملصق الخاص بالجهة الرقابية الذي يثبت بأن الميزان معاير من قبلها.
كما تقوم الأجهزة الرقابية انطلاقاً من اختصاصاتها ومهامها بنشر الوعي الاستهلاكي للمستهلك وإصدار الأدلة التعريفية بأسماء ورش الصياغة والمعامل المعتمدة قانونياً إلى جانب إصدار التعاميم الإرشادية الملزمة لأصحاب ورش الصاغة ومحلات المصوغات والمعادن الثمينة بشكل عام.
أيضاً وفي إطار التعاون المشترك الساعي لحماية المستهلك من أنواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس الذي قد يقوم بها ضعفاء النفوس من مزاولي مهنة صياغة وبيع المشغولات الذهبية والمعادن الثمينة بشكل عام، تلعب الجهات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني ومنها جمعيات حماية المستهلك دوراً مهماً وكبيراً في التوعية بهذا المجال حيث توصي المستهلك بتجنب شراء المصوغات الذهبية من قبل أشخاص غير معروفين (أي من خارج محلات بيع المصوغات)، والتأكد من أن الميزان المستخدم في وزن الذهب معاير ومضبوط من قبل الجهة المختصة وذلك من خلال وجود الملصق الذي يؤكد بأن الميزان معاير، وكذلك التأكد من وجود الدمغة الخاصة بالورشة التي صاغته، وبضرورة الحصول على فواتير الشراء وشهادة تتضمن الإشارة إلى مواصفات وبيانات القطعة بما في ذلك الوزن والعيار والتاريخ وسعر الجرام أو السعر الإجمالي.
وتضيف بعض الجهات التشريعية والرقابية والجمعيات بالتوصية بأن يقوم المستهلك باتباع بعض الاشتراطات التي تؤكد قيمة الذهب والمعادن الثمينة قبل الشراء، والمتمثلة بشهادة من البائع يوضح فيها عيار ولون المعدن ووزن الفصوص، وبلد المنشأ، وعلامة الصانع أو المستورد، ونسبة وزن الفصوص إلى وزن المعادن، بالإضافة إلى تحديد أية عيوب في المعدن أو الفص. وفيما يتعلق بشراء الأحجار الكريمة أوصت الجمعيات بأن يتم التأكد من الحصول على شهادة مطابقة من مختبر معتمد موضح بها اسم الحجر، وصنفه، ودرجة النقاء، وخواصه، ووزنه، ولونه، ونوعية القطع، وسلامته من الكسر والخدش، مع الإشارة إلى أي عيوب أخرى في حال وجودها.
وختاماً يعتبر الذهب -وغيره من المعادن الثمينة- من الروافد الاقتصادية الهامة كونها موردا مهماً للعملة الصعبة إلى جانب تشغيلها لأيادي عاملة كبيرة، لذلك فإن حمايته هي مسؤولية تكاملية بين أجهزة الدول والمواطنين والمصنعين، حيث سبق لعديد من مصنعي وممتهني تجارة الذهب والفضة التحذير من انتشار الذهب المغشوش “غير المدموغ” ومجهول الهوية، ومن هنا تناشد الجهات المختصة المستهلكين بضرورة التمعن عند الشراء والتأكد من مستوى جودة الذهب وسلامته من العيوب وتذكير المستهلك بأنه ليس كل ما يلمع ذهبا.
* الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة
المراجع:
صحيفة اليوم السابع المصرية، الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، جريدة الوطن اونلاين السعودية (جمعية المستهلك توعي بكيفية شراء المجوهرات)، السعودية TM موقع مباشر.