حوار صحفي مع سعادة د. خالد صوفي رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس ISO

انتُخب د. خالد صوفي رئيسًا للمنظمة الدولية للتقييس لمدة ثلاث سنوات تبدأ في 1 يناير 2026، وسيشغل منصب الرئيس المنتخب في عام 2025.
يمتلك الدكتور صوفي رصيد من الخبرة في الحوكمة الدولية والتقييس وإدارة الجودة في القطاعين العام والخاص، وقد قادت قيادته باستمرار التغيير المؤثر وعززت الكفاءة التنظيمية وضمنت الامتثال للمواصفات القياسية الدولية.
وقد شغل الدكتور صوفي مناصب رفيعة على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية، مثل عضو مجلس المنظمة الدولية للتقييس، ومجموعات الحوكمة الأخرى التابعة للمجلس، ورئيس اللجنة المصرية للدستور الغذائي، ومسؤول الاتصال في مقر الأمم المتحدة. كما كان عضواً في مجلس إدارة المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين، ومعهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية، وعضو مجلس إدارة المنظمة الإقليمية الأفريقية للتقييس.
أما على المستوى الوطني، فهو رئيس الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة.
الدكتور صوفي حاصل على درجة الدكتوراه في الرقابة الإحصائية وضمان الجودة من جامعة القاهرة في مصر، وتشمل خلفيته التعليمية بكالوريوس الهندسة الميكانيكية ودرجة الماجستير في نظم إدارة الجودة.
1- بداية ننتهز الفرصة لنهنئكم مرة أخرى بفوزكم بمنصب رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس ISO للفترة (2026-2028)م، ونرغب في معرفة شعوركم بالفوز بهذا المنصب على المستويين الشخصي والمهني؟
أشكركم أولاً على التهنئة، كما أشكر مجلة التقييس الخليجية على كرم اللقاء.
على المستوى الشخصي، أشعر بالفخر والاعتزاز بكوني أول عربي ومصري يتولى هذا المنصب منذ إنشاء المنظمة عام 1947م. هذا الإنجاز يعكس قدرة الكفاءات العربية على المنافسة وتحقيق الريادة العالمية. أما على المستوى المهني، فهو مسؤولية كبيرة وفرصة لتعزيز دور المنظمة في تطوير المواصفات القياسية الدولية برؤية جديدة تخدم التنمية المستدامة والاقتصاد العالمي.
لكن الأهم من ذلك، أن هذا الفوز لم يكن ليتحقق لولا تضامن وتضافر جهود جميع الدول العربية، ووقوفها صفًا واحدًا لدعم هذا الترشح، وهو ما يؤكد أن العمل الجماعي والتعاون المشترك هما مفتاح النجاح لأي إنجاز عربي على المستوى الدولي. نحن بحاجة إلى تعميق هذا النموذج من التكامل، ليس فقط في مجال التقييس، بل في جميع القطاعات التي تسهم في تحقيق التنمية والتقدم لدولنا وشعوبنا.
2- كيف ترى دور المنظمة الدولية للتقييس في تعزيز الجودة والمواصفات على المستوى العالمي؟
تلعب المنظمة الدولية للتقييس (ISO) دورًا محوريًا في وضع وتطوير المواصفات القياسية الدولية، مما يضمن جودة المنتجات والخدمات، ويعزز التبادل التجاري بين الدول، ويحمي المستهلكين والبيئة. كما تسهم في تعزيز الابتكار وتطوير الحلول المستدامة في مختلف القطاعات.
وتُعَد المنظمة المظلة العالمية الأكبر لإصدار المواصفات القياسية التي تفتح آفاقًا جديدة للعالم، وتسهم في دفع عجلة التطور في مجالات متعددة، مثل التكنولوجيا، والصناعة، والصحة، والطاقة، وحتى المجالات البيئية والاجتماعية. ومن خلال هذه المواصفات، يمكن تحقيق تكامل أكبر بين الدول، وتعزيز التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات العالمية بطرق أكثر كفاءة وابتكارًا.
3- هل لنا أن نتعرف على أولوياتكم الرئيسية خلال فترة رئاستكم للمنظمة؟ وكيف تخططون لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة؟
تركّز أولوياتي خلال فترة رئاستي للمنظمة على تعزيز الشمولية والتعاون بين الدول الأعضاء، ودعم مشاركة الدول النامية بصورة أكبر في وضع المواصفات القياسية. كذلك، أسعى إلى تعزيز التحول الرقمي في تطوير المواصفات، والتوسع في المجالات ذات التأثير المباشر على الصحة والسلامة والبيئة.
كما أنني أضع ضمن أولوياتي تعزيز العمل المشترك مع المنظمات الإقليمية، مثل المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين، وهيئة التقييس الخليجية، والمنظمة الأفريقية للتقييس، لما لها من دور محوري في توحيد الجهود وتبادل الخبرات. بالإضافة إلى ذلك، أطمح إلى إشراك جميع الدول بفاعلية في نموذج جديد من التعاون، بحيث يكون لكل دولة دور أساسي في صياغة المواصفات والمساهمة في تطوير السياسات التي تدعم التنمية المستدامة وتعزز جودة الحياة عالميًا.
4- هل هناك تحديات تتوقعون مواجهتها في المنصب الجديد؟
هناك العديد من التحديات، من أبرزها التغيرات السريعة في التكنولوجيا، والحاجة إلى تطوير مواصفات تواكب هذه التحولات المستمرة. كما أن التحديات الاقتصادية والسياسية قد تؤثر على مستوى التعاون الدولي في مجال التقييس، مما يتطلب منا العمل بمرونة لتعزيز الشراكات الفعالة بين الدول الأعضاء.
إحدى التحديات الكبرى أيضًا هي تعزيز مشاركة الدول النامية وتوفير الموارد اللازمة لها للاستفادة من التقييس. وسنعمل على معالجة ذلك من خلال مبادرات تعزز التكامل وبناء القدرات والدعم الفني.
لكن أكبر تحدٍ أمامنا هو إثبات أن القيادة العربية لهذه المنظمة لا تقل كفاءة عن أي قيادة أخرى. نحن، كدول عربية، لدينا من الخبرات والإمكانات ما يؤهلنا لقيادة المنظمة بكفاءة، واتخاذ قرارات صائبة، والمساهمة في وضع مواصفات قياسية دولية تعكس احتياجات العالم كله. هذا المنصب خطوة مهمة تثبت أننا قادرون ليس فقط على قيادة المنظمة اليوم، ولكن أيضًا على أن يكون لنا دور محوري ومستدام في رسم سياسات التقييس العالمية.
5- كيف يمكن للمنظمة الدولية للتقييس أن تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030؟
تسهم المنظمة الدولية للتقييس (ISO) بشكل أساسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تطوير المواصفات القياسية التي تضمن تحسين كفاءة استخدام الموارد، وتعزيز الإنتاج النظيف، وتقديم حلول مبتكرة لمواجهة التغيرات المناخية. كما تساعد المواصفات في ضمان سلامة المنتجات الغذائية، وتطوير البنية التحتية المستدامة، وتعزيز الممارسات العادلة في التجارة والصناعة.
حاليًا، تعمل المنظمة على مجموعة من المواصفات التي تدعم هذه الأهداف، من بينها:
- مواصفات الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)، التي تساعد المؤسسات على تطبيق معايير الاستدامة والشفافية.
- مواصفات الإدارة البيئيةISO14000 Series ، التي تركز على تحسين الأداء البيئي وتقليل التأثيرات السلبية للمؤسسات.
- مواصفات غازات الاحتباس الحراري ( (GHG Protocol، التي تساعد الدول والشركات على قياس وإدارة وتقليل انبعاثات الكربون.
6- هل من الممكن أن تحدثنا عن الخطط المستقبلية للمنظمة في مجالات مثل الصحة والسلامة والبيئة؟
بالنسبة للخطط المستقبلية، ستركز المنظمة على:
- تطوير مواصفات أكثر صرامة لخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاقتصاد الدائري.
- تحسين مواصفات الصحة والسلامة، خاصة في المنشآت الصناعية والصحية.
- مواكبة التطورات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
- تعزيز تبني مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
هذه الجهود تعكس الدور الاستراتيجي للمنظمة في ضمان تحسين جودة الحياة، وتقليل المخاطر البيئية، وتعزيز النمو الاقتصادي بطريقة تحافظ على الموارد للأجيال القادمة.
7- كيف تنظرون لهيئة التقييس الخليجية، وكيف تسعون لتعزيز التعاون معها؟
تُعد هيئة التقييس الخليجية من الجهات المؤثرة في المنطقة في مجال المواصفات القياسية، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في توحيد أنشطة التقييس في الدول الأعضاء بالهيئة، مما يسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وتسهيل التجاري، ويدعم التقييس الإقليمي والدولي.
ويمثل التعاون مع الهيئة حجر الأساس لتوسيع دائرة الشراكة بين الهيئة والمنظمة في ضوء مذكرة التفاهم الموقعة بينهما، وفي إطار سياسة الشراكة مع المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية المعتمدة من الآيزو، بما يضمن مواءمة المواصفات الإقليمية مع المواصفات القياسية الدولية، ودعم الابتكار في مجالات التقييس، وتنظيم برامج تدريبية مشتركة، وتطوير حلول مستدامة تواكب متطلبات الأسواق الخليجية والعالمية.
8- ما هي الاستراتيجيات التي ستتبعونها لتعزيز دور الدول العربية والأفريقية في المنظمة؟
نعمل على تعزيز دور الدول العربية والأفريقية في المنظمة الدولية للتقييس عبر:
- زيادة تمثيلها في اللجان الفنية لوضع المواصفات.
- توسيع دائرة التعاون عبر مبادرات إقليمية لنقل المعرفة وتبادل الخبرات.
- توفير منصات للحوار والتنسيق بين الدول الأعضاء، لتعزيز قدراتها الفنية والإدارية في مجال التقييس.
كما أن توحيد الجهود العربية والأفريقية في هذا المجال هو المفتاح لرفع مستوى المواصفات المحلية إلى المستوى الدولي، وتحقيق تكامل اقتصادي مستدام.
9- كيف ترى دور الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة في دعم جهود المنظمة الدولية للتقييس؟
تلعب الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة دورًا محوريًا في تطوير المواصفات الوطنية وفقًا للمواصفات القياسية الدولية، مما يعزز تنافسية المنتجات المصرية عالميًا.
ومن أبرز إنجازاتها التركيز على البصمة الكربونية والاستدامة، حيث ساهمت في إطلاق مواصفات تدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر. كما عززت مشاركتها في اللجان الفنية للمنظمة الدولية للتقييس، مما جعلها جهة رائدة في هذا المجال، وأسهم في دعم ترشيحي لهذا المنصب.
10- ما هي النصائح التي تقدمها للجيل القادم من القادة في مجال التقييس؟
أنصح الجيل القادم بالتركيز على التعليم والتدريب المستمر، فالمواصفات ليست مجرد معرفة تقنية، بل قيمة مضافة تُكسب الفرد الخبرة والرؤية الواضح والإيمان بأن جميع الأحلام يمكن تحقيقها بالاستعانة بالله، ثم بالعلم والعمل الجاد، مع وضع أهداف واضحة والسعي الدؤوب نحوها. عندما يجمع الإنسان بين المعرفة والتطبيق والإصرار، يستطيع أن يصنع مستقبله ويحقق ما يتمنى.
