كلمة رئيس هيئة التقييس لدول مجلس التعاون بمناسبة اليوم العالمي للمواصفات 2021
كلمة سعادة الأستاذ/ سعود بن ناصر الخصيبي
رئيس هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
بمناسبة اليوم العالمي للمواصفات
14 أكتوبر 2021
تحت شعار “المواصفات وأهداف التنمية المستدامة.. رؤية مشتركة لعالم أفضل”
تُشارك هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الهيئات والمنظمات المماثلة في دول العالم الاحتفال باليوم العالمي الواحد والخمسين للمواصفات، الذي يصادف الرابع عشر من شهر أكتوبر من كل عام، وهو ذكرى تأسيس المنظمة الدولية للتقييس (ISO)، الـتي أنشئت في 14 أكتوبر 1947م، وقد تم اختيار “المواصفات وأهداف التنمية المستدامة، رؤية مشتركة لعالم أفضل” ليكون شعاراً لهذا العام.
في يوم 14 أكتوبر من كل عام، يحتفل أعضاء المنظمة الدولية للتقييس (ISO) واللجنة الدولية الكهروتقنية (IEC) والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) باليوم العالمي للمواصفات، كوسيلة مهمة للإشادة بالجهود المشتركة لآلاف الخبراء في جميع أنحاء العالم الذين يعكفون على الدراسات والبحوث والتجارب ليتم الاتفاق عليها ونشرها كمواصفات قياسية دولية.
وبهذه المناسبة يطيب لي أن أتقدم إلى أجهزة التقييس الوطنية بالدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بشكل عام، والعاملين فيها في نشاط المواصفات بشكل خاص، بخالص التهنئة وأطيب التمنيات بهذه المناسبة، عرفاناً بالجهود الكبيرة التي يبذلونها في مجال إعداد وتطوير المواصفات القياسية واللوائح الفنية التي تساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يأتي شعار هذا العام ليؤكد على الدور المحوري للتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة (الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية) في تلبية احتياجات الحاضر، دون المساوَمة على حقوق الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتهم الخاصة، وتقليل استنزاف الموارد الطبيعية، وخلق التنمية التي يمكن حمايتها واستدامتها، واستثمار التطور العلمي والمشاريع البحثية لتوفير مشاريع صديقة للبيئة، وتحقيق أقصى قدر من الرفاهية الإنسانية والتشجيع على التطوير، والابتكار، والنمو الاقتصادي للشعوب.
كما يأتي شعار الاحتفال هذا العام ليسلط الضوء على الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة (SDGs) باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030، وإلى ما تم إحرازه من نجاحات أو إخفاقات في مجالات عديدة مثل تغير المناخ، والمساواة الاقتصادية، وتعزيز الابتكار، والاستهلاك المستدام، والسلام، والعدالة، ضمن أولويات أخرى، تسعى دول العالم إلى الوفاء بالتزاماتها نحوها.
لا شك أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة تقتضي رؤية مشتركة والعمل بروح الشراكة لإحداث تغيير إيجابي لكل من البشر والكوكب، وبشكل عملي حتى يمكننا من اتخاذ الخيارات الصحيحة لتحسين الحياة للحاضر واستدامتها للمستقبل. وهي توفر مبادئ توجيهية وغايات واضحة لجميع البلدان لكي تعتمدها وفقا لأولوياتها مع اعتبار التحديات البيئية التي يواجهها العالم بأسره على رأس الأولويات.
وللوصول إلى هذه الأهداف، فإنه يتطلب تعاون العديد من الشركاء من القطاعين العام والخاص، واستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك المواصفات القياسية الدولية والإقليمية والوطنية التي تساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويقوم نظام المواصفات القياسية بأكمله على التعاون، فمن خلال العمل مع الشركاء يتمكن الأشخاص من خلال حلول واقعية لمواجهة تحديات الاستدامة، وهذه شهادة على قوة التعاون والتأكيد على أننا معاً أقوى.
ومؤخراً، ومع معركة العالم المستمرة حتى تاريخه ضد جائحة كورونا أصبحت المواصفات القياسية أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تدعم العديد من المواصفات القياسية كل هدف من أهداف التنمية المستدامة، وبدون شك، ستجد المنظمات والشركات التي تتطلع إلى المساهمة في أهداف التنمية المستدامة أن المواصفات القياسية وإجراءات تقييم المطابقة توفر أدوات فعالة لمساعدتها على مواجهة التحديات.
وفي هذا السياق، أصدرت هيئة التقييس الخليجية أكثر من 26500 مواصفة قياسية ولائحة فنية خليجية موحدة شملت العديد من القطاعات المختلفة مثل الصحة والكيمياء والغزل والنسيج والغذاء والزراعة والنفط والغاز ونظم الإدارة والمعلومات والتشييد والبناء والمقاييس، والتي تسهم بشكل مباشر في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بجهود مباركة من اللجنة العامة للمواصفات وأربعة وأربعين لجنة فنية وفرعية وفرق عمل ممثلة من جميع الدول الأعضاء بالهيئة.
كما دعمت الهيئة، من خلال اللجان الفنية الخليجية المتخصصة، منظومتها التشريعية لسلامة المنتجات في السوق الخليجية المشتركة، وتبنت العديد من البرامج الاستراتيجية والمبادرات وطورت العديد من المنصات التي تدعم سلامة المستهلك وتضمن حماية الصحة العامة والبيئة، وقدمت الدعم الفني اللازم للدول الأعضاء لتعزيز البنية التحتية للجودة، وركزت على أولويات كفاءة الطاقة.
وتعمل الهيئة بجهود حثيثة على دعم وتأهيل المختبرات العاملة في دول مجلس التعاون من خلال التجمع الخليجي للمختبرات، كما تقوم الهيئة، من خلال التجمع الخليجي للمترولوجيا، كمنظمة إقليمية للمترولوجيا حاصلة على الاعتراف الدولي، على تأسيس بنية مترولوجية تدعم القدرات الوطنية للمساهمة في زيادة الاعتراف الدولي بقدرات القياس والمعايرة لمختبرات القياس الوطنية في الدول الأعضاء، وفي زيادة الموثوقية في شهادات المعايرة وتحقيق لاعتراف المتبادل على المستوى الإقليمي والدولي بين هيئة التقييس وأجهزة التقييس الوطنية وأجهزة التقييس العالمية الأخرى. وباعتبار الاعتماد واحداً من أهم أعمدة منظومة البنية التحتية للجودة، يقدم مركز الاعتماد الخليجي خدمات الاعتماد والتقييم الفني في مجالات المطابقة المختلفة ومنها مختبرات الفحص والمعايرة والمختبرات الطبية وجهات منح الشهادات للمنتجات والافراد ونظم الادارة وجهات التفتيش وجهات منح شهادات الحلال.
وإيماناً من الهيئة بأهمية أنشطة وبرامج التوعية، نفذت الهيئة، من خلال مركز التقييس الخليجي للتدريب، وبالتنسيق مع الدول الأعضاء، وعبر منصاتها الإلكترونية، العديد من الفعاليات التوعية في مختلف مجالات التقييس لتسليط الضوء على أهمية المواصفات القياسية والمترولوجيا وإجراءات التحقق من المطابقة في دعم أهداف التنمية المستدامة، بالتعاون مع شركائها على المستويين الإقليمي والدولي، واستهدفت مختلف القطاعات التشريعية والصناعية والتجارية.
تقود أهداف التنمية المستدامة طريقنا نحو التقدم، مما يتطلب منا الاستمرار في شراكاتنا مع القطاعات المختلفة وبناء شركات جديدة والتركيز على دعم الممارسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية نحو تحقيق النمو المستدام والشامل، وكذلك تسريع خططنا واستراتيجياتنا المستقبلية ورؤيتنا المشتركة لعالم أفضل.
وفي هذا الصدد، وقعت الهيئة أكثر من 64 مذكرة تفاهم وتعاون فني لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع شركائها في المنظمات الإقليمية والدولية والتكتلات الاقتصادية، بما يسهم بفاعلية في دعم التوجهات والرؤى الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم التقييس الدولي باعتبار اللغة الدولية المشتركة.
كما حرصت الهيئة على مشاركة القطاع العام والخاص في الدول الأعضاء في أعمال اللجان الفنية الخليجية للمساهمة في إعداد المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية وإبداء الملاحظات بشأنها، وحثت الهيئة أجهزة التقييس الوطنية في الدول الأعضاء على تشكيل لجان فنية وطنية مناظرة للجان الفنية الخليجية بحيث تضم ممثلين عن الجهات الحكومية والقطاعات الصناعية والتجارية والخدمية وقطاع كبار المستخدمين، والجامعات والجهات الأكاديمية الأخرى وكذلك الغرف التجارية والصناعية، إيماناً بدورها الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة.
ولا شك فإن الدول الأعضاء في الهيئة قد تبنت العديد من المبادرات على مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وقامت ببناء شراكة استراتيجية من أجل التنمية المستدامة مع الجهات الدولية والإقليمية ذات العلاقة، وتتابع باهتمام التقدم الذي أحرزته نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مع مراجعة شاملة لحالة أهداف التنمية المستدامة، ومواءمتها مع رؤاها الاستراتيجية الوطنية، ودعم الإجراءات التي اتخذها القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030م.
وفي الختام.. لا يسعني بهذه المناسبة إلا أن أشيد بالجهود الكبيرة التـي تبذلها المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية في مجال التقييس، كما أتوجه في هذه المناسبة بالشكر والعرفان إلى جميع العاملين في هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وأجهزة التقييس الوطنية بالدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية، وكل الداعمين للهيئة وللتقييس بكافة أنشطته ومجالاته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.