الحديث عن الغذاء وسلامته حديث متشعب ومتعدد ومتنوع في تصنيفه ومراحل إعداده، وذلك بدءاً من الزراعة والمواد الخام مروراً بالتصنيع والإنتاح ثم الحفظ والتخزين والتداول بالأسواق إلى أن يصل إلى يد المستهلك كونه المحور أو الهدف الرئيسى من عملية إعداد وتصنيع وإنتاج الغذاء.
ولعل الخوض في تفاصيل مراحل إعداد وتصنيع الغذاء وكيفية الحفاظ على سلامته من الناحية العلمية والصحية بحاجة إلى باحثين ومتخصصين (أفراد، جهات) في هذا المجال الهام بحيث يكون لهم دور أكبر في صياغة وطرح المعلومات والآراء والمفاهيم الدقيقة حول حول إعداد المكونات الداخلة في صناعة الغذاء ومراحل الحفاظ عليه حتى يصل بشكل آمن إلى المستهلك، وكذلك وضع القوانين والتشريعات التى تتماشى مع التطورات التى يشهدها مجال التصنيع الغذائي. وهؤلاء هم من يعول عليهم المستهلك ويضع ثقته بهم ليحصل على غذاء آمن وخالٍ من جميع أنواع المخاطر، وهذا بحد ذاته هو مفهوم المواطن (المستهلك) لأمان وسلامة الغذاء.
ويأتي الطرف الآخر والمتمثل بالمصنع بمفهوم مختلف للسلامة الغذائية حيث يبحث في بعض الأحيان عن تبريرات لمخاطر يراها مقبولة، مثل استخدام المضافات الغذائية لغرض سهولة التصنيع وتحقيق المظهر الجذاب والطعم المرغوب، وأيضاً المواد الحافظة لإطالة فترة حفظ المواد أو السلعة الغذائية.
وإزاء هذا التضارب والاختلاف في مفهوم السلامة الغذائية لكلٍ من المصنع والمستهلك كان ﻻبد من وجود طرف ثالث يحد من هذا التضارب والاختلاف ويعمل على تحقيق مصالح الطرفين تحت قاعدة ﻻضرر وﻻ ضرار، من خلال إيجاد قوانين (مواصفات قياسية، لوائح وأنظمة فنية.. الخ) ترشد المصنع للاتجاه نحو تصنيع وإنتاج مواد غذائية آمنة، ومن جهة أخرى تطمئن المستهلك من خلالها بأن هناك حماية له من السلع الرديئة التى قد تتسبب بعدد من المخاطر الصحية على حياته.
فبدأت الحكومات في جميع دول العالم تقريباً بإنشاء أجهزة تشريعية ورقابية متخصصة ومعنية بحماية صحة وسلامة المستهلك حيث تتمثل مهمتها الأساسية بإعداد التشريعات والقوانين واللوائح والأنظمة الخاصة باشتراطات التصنيع الغذائي وأمان وسلامة تلك المنتجات، والتأكد من سلامتها ومطابقتها لاشتراطات المواصفات القياسية، وكذلك تطبيق عدد من الأنظمة الهادفة إلى حماية المستهلك من المخاطر الصحية التى قد تنشأ عن طريق استخدام الأغذية الملوثة أو المصنعة بطريقه غير صحية.
إﻻ أنه وفي ظل التنافس غير الشريف من قبل البعض وفتح الأسواق على مصراعيها أمام التجارة العالمية، وتعدد أصناف السلع المختلفة التى تعرض أمام المستهلك وبأشكال وأحجام مختلفة وكل منها يدعي الأفضلية في نوعية وقدرات منتجاته على إشباع رغبات المستهلك. ﻻبد من استشعار المسئولية من قبل الجميع بدءاً من وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ليكون لها دوراً محورياً في رفع الوعي بالثقافة الاستهلاكية وتوعية المواطن بكيفية التعامل مع السلعة أو المنتج عند الشراء، كما يجب العمل على تشجيع وسائل الإعلام بالإعلان عن السلع الحاصلة على شهادات وأنظمة الجودة والسلامة دون غيرها، حتى ﻻ يقع المستهلك فريسة سهلة للسلع الرديئة وغير الآمنة صحياً، فبوعي الجميع وتعزيز الدور الرقابي للجهات ذات العلاقة حتماً سنصل إلى تحقيق هدفنا المتمثل بالحصول على غذاء آمن وسليم.
* الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة