أشرنا في العدد السابق من مجلة التقييس الخليجي بمقال بعنوان “التقييس ودوره في تطوير المنتج الصناعي” إلى مفهوم التقييس وأسسه المتمثلة بالتبسيط والتوحيد والتوصيف، كما ذكر المقال أيضاً أهداف التقييس وأهميته، وبرنامج عمله، ومجالاته وفوائده للمنتج والعامل والتاجر والمستهلك. وفي هذا المقال سنركز على المواصفات القياسية ومزايا التقييس ودور التقييس في رفع كفاءة المنتج الصناعي وتحسين جودته.
أنواع المواصفات القياسية:
إن إصدار المواصفات القياسية يعتبر من أهم المهام والأنشطة التي تقوم بها الهيئات المعنية بهدف وضع المعايير والاشتراطات والمتطلبات الفنية الواجب توفرها في السلع والمنتجات لتحقيق الحد المقبول من الجودة للحفاظ على صحة وسلامة المستهلك. والمواصفة القياسية هي وثيقة يتم وضعها باتفاق عام، واعتمادها من قبل جهة معترف بها، تقدم للاستخدام العام والمتكرر، تتضمن القواعد أو الإرشادات العامة أو الخصائص المتعلقة بالأنشطة أو نتائجها بهدف تحقيق الدرجة المثلى من النظام والترتيب داخل سياق معين، لذا يمكن تصنيف أنواع المواصفات من حيث طبيعة إصدارها إلى ما يلي:
1) مواصفات الخامات والمواد والمنتجات: إن التوصيف والتحديد الدقيق للمواد الخام والخواص المطلوبة فيها يؤدي إلى اختيار أنسب هذه المواد للعمليات الصناعية للتشغيل الأمثل، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة كفاءة العمليات وتحسين اقتصادياتها، كما يؤدي تحديد خواص المنتجات النهائية اللازمة لاستخداماتها المرغوبة إلى إمكانية إنتاج السلع بالخواص المطلوبة بأقل الطرق تكلفة ودون إضاعة لأي وقت أو جهد أو طاقة في الحصول على خواص غير مرغوب فيها.
2) مواصفات الجودة: تحدد المستويات المختلفة من الدقة والتهيئة والمظهر وحسن الأداء وغيرها من الخواص والصفات التي يتطلبها المستهلك في المنتجات والسلع التي يستخدمها ويستهلكها.
3) مواصفات الأبعاد: تحدد المقاسات والحجوم والأشكال، وتهدف إلى تقليص عدد الأنواع المنتجة بما يؤدي إلى التبسيط في التصميم والتنفيذ والتخزين مما يحقق خفضاً في تكاليف الإنتاج فضلا عن ضمان التبادلية والرواج.
4) مواصفات العمليات الصناعية: تحدد القواعد الواجب إتباعها في العمليات الصناعية مما يجعلها أكثر دقة وجودة وتمشيا مع المواصفات القياسية المطبقة.
5) مواصفات الطرائق القياسية: وتشمل طرق القياس والمعايرة وتحديد كيفية اختيار الخامات والعينات والمواد والمنتجات، وأساليب التفتيش والفحص والتحليل لضمان المطابقة للاشتراطات والمواصفات القياسية، كما تتضح أهميتها في استحالة تثبيت أية خاصية من الخواص المطلوبة في سلعة ما دون تحديد للطرق التي يمكن بواسطتها قياس هذه الخواص حيث يتوقف الأمر إلى حد كبير على نوع وطبيعة الوسائل القياسية المستخدمة.
6) مواصفات أسس التنفيذ والتصميم: تحدد الاشتراطات المتعلقة بتركيب واستخدام وتشغيل المواد والأجهزة لضمان السلامة وخفض التكاليف وسهولة الصيانة.
(مثلا الاشتراطات الخاصة بتصميم وبناء وصيانة المباني والآلات والأجهزة والمعدات والتركيبات الهندسية والأسس الخاصة بالتغليف والتعبئة وحفظ ونقل وتداول المواد والمنتجات).
ومهما كان مستوى التقييس فعليه أن يأخذ في الاعتبار مستوى المواصفات القياسية الدولية حيث يعتبر القاعدة العريضة التي تنبثق منها المواصفات الوطنية، وهذه بدورها عليها أن تراعي المواصفات الإقليمية والدولية للدخول في السوق وتسهيل التبادل التجاري ودعم الاقتصاد الوطني مع رعاية مصلحة المستهلك وحمايته.
وتجدر الإشارة إلى أن المواصفات القياسية بشكل عام ليست اشتراطات جامدة بل هي قابلة للتجديد والتحديث حيث إنها تواكب التغيرات والتطورات المستجدة، وهذا ينطبق على جميع أنواع المواصفات عدا المواصفات الخاصة بوحدات المعايرة والقياس، فهي لا تتغير بشكل محسوس، وإنما قد تتعرض لإدخال بعض التعديلات الطفيفة في تعريفاتها ومعاييرها ووحداتها القياسية. كما أن ثمة اعتبارات أخرى تندرج تحت مظلة التقييس ويجب أخذها في الحسبان عند إعداد المواصفات القياسية ومنها على سبيل المثال:
سلع التصدير:
تقف الصادرات على رأس الأولويات لما لها من أهمية خاصة للبلاد النامية، فهي مورد هام للتدفقات النقدية الأجنبية الذي تحتاجها لتنفيذ خطط وبرامج تنميتها الاجتماعية والصناعية، لذا يجب البدء بوضع مواصفات الصادرات والاهتمام بجودتها.
سلع السوق المحلي:
يقصد بها سلع الإنتاج المحلي المخصصة للسوق الداخلي وتبرمج حسب أولويات محددة كالتالي:
1) سلع استهلاكية: تعطي عناية خاصة للسلع التي يؤثر استخدامها على الصحة والأمن كالأغذية المحفوظة والأجهزة المحتوية على سوائل ومواد خطرة.
2) سلع صناعية: تضم السلع التي تستخدم في المجالات الصناعية، ويمكن تحديد أولويات لها أيضاً وذلك بأن يبدأ بمنتجات الصناعات الجديدة التي تشملها برامج التصنيع، وأن تؤجل مؤقتا منتجات المصانع القائمة.
الواردات:
يحدد هنا أيضا أولويات لسلع استهلاكية وأخرى صناعية، وبالرغم من أنه قد لايكون هناك حاجة ملحة لوضع مواصفات للواردات في المراحل الأولى لعمل الهيئات الوطنية، إلا أن ثمة اعتبارات أخرى تملي وتحتم على الهيئات إعطاء الأهمية لهذا النوع من السلع، فعلى سبيل المثال ضرورة تحديد مواصفات السلع الصناعية لضمان الإنتاج طبقا للمواصفات الوطنية، أو لتوحيد نظم القياس المستخدمة في البلد أو لتخفيض عدد الأنواع والأصناف من مختلف الآلات والوحدات وقطع الغيار المتداولة، إلخ.
مزايا التقييس:
نخلص أخيراً إلى أن وضع المواصفات القياسية الوطنية وتطبيقها سوف يمنح الصناعة المزايا التالية:
1) تبسيط وتوفير في أعمال الدراسات الفنية المتعلقة بوضع الاشتراطات الخاصة بالمواد والخدمات وأسس التنفيذ.
2) خفض رأس المال الثابت.
3) تنظيم عمليات الإنتاج في جميع المراحل بدءا من الخامات إلى المنتجات النهائية.
4) الانتظام في الإنتاج مع زيادة كميته ورفع مستوى كفاءته وجودته.
5) تحسين كفاءة تشغيل الآلات والأجهزة والمعدات.
6) وفر في الخامات والأدوات نظرا للحد من الإسراف والهدر وإساءة استخدامها.
7) تبسيط الخدمات وأعمال المخازن والإجراءات المكتبية والإدارية والمالية.
8) التوفر في الوقت والاستغلال الأمثل له.
9) ضمان الأمان والسلامة يسللعاملين في المصنع .
10) تيسير سبل الإعلان عن المنتجات بحصولها على علامة الجودة وشهادة المطابقة .
11) زيادة فرص التسويق وتشجيع المنافسة الشريفة.
* أستاذ كرسي الزامل لترشيد الكهرباء -جامعة الملك سعود
مستشار لدى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة
رئيس الفريق الفني للمقاييس الكهربائية والألكترونية بالهيئة
نائب رئيس اللجنة الفنية للمتطلبات الكهربائية لكود البناء السعودي وكود البناء الخليجي