حوار صحفي مع سعادة د. فرح الزرعوني وكيل الوزارة المساعد لقطاع المواصفات والتشريعات في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات العربية المتحدة

أول امرأة إماراتية خليجية عربية تفوز بمقعد في مجالس إدارة منظمات التقييس الدولية ISO و IEC

0 124
اعلان المتجر

في مستهل هذا الحوار.. يطيب لنا أن نرحب بك دكتورة فرح الزرعوني أجمل ترحيب في مجلة التقييس الخليجي، ونود بداية أن نتعرف بشكلٍ مجمل على أبرز الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التقييس خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً 2024م؟

شكراً جزيلاً لمجلة التقييس الخليجي على هذه الاستضافة الصحفية الكريمة.

حقيقة الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في السنوات الأخيرة كثيرة جداً، قد لا تيسع المقام لذكرها هنا، ولكن دعنا نركز على أهمها عام 2024م الذي كان حافلاً بالإنجازات على صعيد ملف البنية التحتية للجودة، حيث حققت دولة الإمارات فيه المركز الخامس عالمياً متقدمة 6 مراكز في مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام، مقارنة بالعام 2022م، ضمن المؤشر الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ” “UNIDO، ويُعد هذا المؤشر وسيلة فعالة لقياس تطور البنية التحتية للجودة.

وهذا يؤكد تقدم القدرات الإماراتية المتقدمة على صعيد منظومة البنية التحتية للجودة، والمواصفات القياسية، والمقاييس، والاعتماد، وتقييم المطابقة، والرقابة ومسح الأسواق، وذلك بالتنسيق والتكامل مع الشركاء من الجهات الحكومية المحلية في كل إمارة، وبمشاركة القطاع الخاص، حيث أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة منذ العام 2021م مبادرة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في أنشطة تطوير المواصفات القياسية، بهدف تعزيز الشراكة مع القطاع الصناعي الخاص في تطوير المواصفات بما يتماشى مع أفضل الممارسات في هذا المجال المهم.

وفازت الدولة بعضوية مجلس إدارة اللجنة الكهروتقنية الدولية (IEC) كأول دولة عربية تفوز بمقعد مجلس الإدارة، كما فازت خلال عام 2024م بعضوية مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس”ISO”  بأعلى نسبة تصويت حصلت عليها دولة عربية تقدمت لهذا المقعد، ومجلس الاعتماد، ورئاسة مجلس المترولوجيا في معهد المواصفات والمقاييس بمنظمة التعاون الإسلامي.

وتُعد هذه الإنجازات نتيجة للجهود المتواصلة لفرق العمل والشركاء، خلال السنوات الماضية، كما تعكس هذه النجاحات الثقة الدولية في المنظومة الإماراتية للبنية التحتية للجودة، ودورها المحوري في تعزيز الكفاءة والاستدامة، وفتح الأسواق، وزيادة التنافسية والابتكار، واستدامة سلاسل الإمداد ومرونتها، بالإضافة إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات كوجهة رئيسية لجذب الاستثمارات الجديدة، ومنصة للإنتاج، والتصنيع، والتصدير.

بعد هذا الإجمال لكل هذه الإنجازات على المستوى الإقليمي والدولي، اسمحي لنا أن نتوقف هنا، لنتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على هذه الإنجازات: كيف تصفين مشاعرك بعد فوزك بعضوية مجلس إدارة منظمة التقييس الدولية ISO كأول امرأة عربية تفوز بهذا المنصب؟

أولاً لابد أن أعبر عن امتناني لقيادتنا الرشيدة على دعمها اللامحدود للكفاءات الوطنية وهذا هو نهجها الدائم حيث تمتلك دولة الإمارات استراتيجية لتعزيز وتمكين الكفاءات الوطنية للمساهمة في تحقيق ريادة الدولة على كافة الأصعدة، كما أتوجه بالشكر لمعالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وسعادة عمر السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، على دعمهم المتواصل الذي كان له الأثر الأكبر في تحقيق هذا الإنجاز.

كما أنني أشعر بالفخر لكوني أول امرأة إماراتية وعربية تفوز بهذا المنصب، وأتمنى أن يكون هذا الإنجاز خطوة تمهد الطريق لمزيد من النجاحات للمرأة الإماراتية والعربية في تحقيق الريادة على كافة المستويات. فالمرأة العربية قادرة على تولي أعلى المناصب، والمساهمة بفاعلية في مجالات متعددة، وأشعر بالسعادة لكوني جزءاً من رحلة تمكين المرأة العربية في المراكز القيادية على المستوى الدولي، وآمل أن يكون هذا الإنجاز مصدر إلهام وتشجيع للعديد من النساء في منطقتنا ليواصلن السعي نحو تحقيق طموحاتهن والمشاركة الفاعلة في مختلف المجالات.

كما أن هذا الفوز يعكس ثقة المجتمع الدولي في دور الإمارات الريادي في مجال التقييس، ويدعم تمكين المرأة في المراكز القيادية عالمياً، وهو إنجاز يحملني الكثير من المسؤولية، ويمثل دافعاً إضافياً لمواصلة العمل على تعزيز المشاركة الخليجية والعربية في أنشطة التقييس على المستويين الدولي والإقليمي، كما أسعى إلى نقل هذه التجربة بكل دلالاتها للشباب الخليجي والعربي.

– ما هي الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات للحصول على الدعم الدولي خلال انتخابات مجلس إدارة الآيزو، وما هي التحديات التي واجهتها؟

لم تواجهنا أي تحديات في فوز دولة الإمارات بعضوية مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس(ISO) حيث يعكس هذا الفوز ريادة دولتنا المتقدمة في مجال البنية التحتية للجودة على المستويين الإقليمي والدولي، كما إنه يجسد التقدير الدولي للإمارات من قبل مختلف الدول والشركاء، وهنا أنتهز الفرصة لأوجه الشكر للأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهيئة التقييس الخليجية، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين، على دعمهم وثقتهم في دولة الإمارات.

في انتخابات مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس(ISO)،حصلت دولة الإمارات على 68 صوتاً من الدول الأعضاء للمنظمة، وهذا يؤكد المكانة المتنامية لدولة الإمارات في منظومة البنية التحتية للجودة، وعمق الثقة الدولية في كفاءة هذه المنظومة الإماراتية والتي تعد إحدى ركائز وممكنات النمو الصناعي، وتعكس دور الإمارات كشريك رئيسي في صياغة مستقبل البنية التحتية للجودة على المستوى الدولي وتطوير المواصفات والابتكارات والتكنولوجيا المتقدمة.

– كيف يمكن لدولة الإمارات الاستفادة من عضويتها في مجلس إدارة الآيزو لتعزيز التعاون الدولي في مجال التقييس؟

تُعد علاقات دولة الإمارات القوية مع مختلف دول العالم ركيزة أساسية لتعزيز التعاون الدولي في مجال التقييس من خلال عضويتها في مجلس إدارة منظمة التقييس الدولية (ISO. هذه العلاقات تتيح للإمارات فرصاً واسعة لبناء شراكات استراتيجية مع الدول الأعضاء، مما يسهم في تطوير أنشطة التقييس المشتركة ودعم توحيد المواصفات في القطاعات ذات الأولوية العالمية، مثل الاستدامة، والاقتصاد الرقمي، والطاقة النظيفة.

وبفضل مكانتها الدولية المتميزة، تلعب الإمارات دوراً محورياً في تسهيل تبادل الخبرات والمعرفة الفنية مع مختلف الدول، مما يساعد على مواءمة المواصفات القياسية الدولية مع أحدث التطورات في التكنولوجيا والابتكار، كما تُعزز هذه العلاقات القدرة على إطلاق مبادرات دولية مشتركة تهدف إلى تطوير مواصفات ومعايير جديدة تدعم التحولات العالمية، خصوصاً في مجالات الاقتصاد الدائري، والمدن الذكية، والتقنيات المستدام.

كما تسهم عضوية دولة الإمارات في المنظمة في نشر أفضل الممارسات الإماراتية والخليجية في مجال التقييس، وتعزيز تبادل الخبرات، وتسهيل وصول المنتجات الإماراتية إلى مختلف الأسواق العالمية ضمن سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية.

ما هي الأهداف الرئيسية التي تسعين لتحقيقها من خلال عضويتك في مجلس إدارة المنظمة الدولية للتقييس ISO؟

أسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تعزز مكانة دولة الإمارات في مجال التقييس الدولي، وفي مقدمة هذه الأهداف، المساهمة في وضع سياسات ومواصفات قياسية دولية تدعم الابتكار والتطور المستدام، مع التركيز على القطاعات المستقبلية مثل التحول الرقمي، والطاقة المتجددة، والتقنيات الذكية.

كما أطمح إلى تعزيز مشاركة الخبراء الإماراتيين والعرب في اللجان الفنية للمنظمة، بهدف بناء قدرات وطنية وعربية متخصصة تساهم في صياغة معايير تتماشى مع الأولويات الوطنية.

إضافة إلى ذلك، أسعى إلى تعميق التعاون الدولي في مجال التقييس، مستفيدةً من شبكة العلاقات الواسعة لدولة الإمارات مع مختلف دول العالم، لتوحيد الجهود في تطوير معايير تدعم النمو الاقتصادي المستدام وتسهّل التجارة الدولية.

ومن الأهداف الأساسية أيضاً، الترويج للتجربة الإماراتية في تطوير المواصفات الوطنية، خاصةً في مجالات مثل الحلال والاستدامة، والعمل على إبراز هذه التجربة كنموذج دولي رائد يمكن الاستفادة منه في تطوير معايير جديدة تلبي متطلبات العصر، وتحقق مصالح جميع الأطراف.

من ناحية أخرى، ما هي الأولويات التي تعتزمين التركيز عليها من خلال عضويتك في اللجنة الدولية الكهروتقنية IEC، ومعهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية (سميك)، وما الفوائد التي يمكن أن تجنيها دولة الإمارات من عضويتها في هذه اللجان والمنظمات؟

نعمل جميعاً في دولة الإمارات كفريق واحد، تحت مظلة مبادئ الخمسين، وهي المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات، بهدف تعزيز اقتصاد دولة الإمارات ضمن أقوى اقتصادات العالم ، وتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للاستثمارات والابتكار، وترسيخ سمعة الدولة إقليمياً ودولياً.

وفي إطار هذه الرؤية الوطنية الطموحة، نركز على فتح الأسواق، وزيادة التنافسية والابتكار، وتحديث البيئة التشريعية بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. كما نواصل العمل على تعزيز دور دولة الإمارات كوجهة جاذبة للاستثمارات الجديدة، ومنصة للإنتاج والتصنيع والابتكار، والتصدير، والتنافسية، والجودة.

كيف تنظرين إلى دور المرأة في مجال التقييس على المستوى الخليجي، وماذا تقولين للنساء الخليجيات اللواتي يسعين لتحقيق إنجازات مماثلة في مجالاتهن؟

تحظى المرأة الخليجية بحضور مؤثر في مجال التقييس، حيث إن لها دوراً فاعلاً في تطوير المواصفات واللوائح الفنية وبرامج المطابقة وأنظمة الاعتماد. كما يوجد لدينا نماذج نسائية ذوات خبرة ضمن اللجان الفنية الخليجية، وتُولي معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اهتماماً كبيراً بتمكين المرأة في قطاع البنية التحتية للجودة، من خلال برامج تدريب فنية متخصصة، وتنمية مهارات القيادة، إلى جانب دمجهن في العديد من اللجان الفنية.

كما وأحث هنا المرأة الخليجية على تعزيز خبراتها وزيادة قدراتها بكل الوسائل المتاحة، لأن هذا المجال هو بوابة التنافسية الخليجية في العالم، وكلما زاد الاستثمار فيه، والجهد والتدريب والتمكين، كلما ساهمنا في تعزيز مكانة دولنا وتنافسيتها الإقليمية والدولية.

على المستوى الوطني، كيف ساهمت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس سابقاً، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في تعزيز جودة المنتجات والخدمات في الدولة؟

بعد دمج هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس ضمن وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، وتحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة – (مشروع 300 مليار)، كان التركيز الأكبر على دعم نمو الصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها، وتهيئة بيئة أعمال جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي، بما يعزز مرونة واستدامة سلاسل الإمداد، ويعزز الاكتفاء الذاتي محلياً.

كما تعد اللجنة التوجيهية لشؤون التقييس التي تعمل تحت مظلة الوزارة، لجنة فاعلة، وهي التي تضم في عضويتها جميع الجهات ذات الصلة بملف البنية التحتية للجودة وكذلك الشركاء من القطاع الخاص، وهذه الجهود التكاملية تنعكس بشكل مباشر على الابتكار الصناعي، ومرونة واستدامة سلاسل الإمداد، وتعزيز الصادرات الصناعية الإماراتية للأسواق الدولية وأيضاً تطوير السياسات الداعمة لجذب الاستثمارات.

وبالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، نعمل على تطوير منظومة البنية التحتية للجودة، لتمكين القطاع الصناعي، وتعزيز التزام الشركات الصناعية بمعايير الجودة والكفاءة، لتحقيق النمو وضمان استدامته، وتقليل استهلاك الموارد، وتعزيز الممارسات الصناعية المستدامة.

وفي هذا السياق، تمتلك دولة الإمارات أكثر من 28 ألف مواصفة قياسية ولائحة فنية مطبقة، تدعم النمو والتنافسية والاستدامة في مختلف القطاعات، كما نطبق أنظمة وطنية داعمة للاستدامة وترسخ مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للصناعة المتقدمة.

كيف ترين تأثير حصول دولة الإمارات على المركز الخامس عالمياً في مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام، على المستوى الوطني والدولي، وما هي العوامل التي ساهمت في تحقيق الإمارات لهذا المركز المتقدم؟

حصول دولة الإمارات على المركز الخامس عالمياً في مؤشر البنية التحتية للجودة يعكس التزام الدولة بتعزيز معايير الجودة والتميز في مختلف القطاعات على مستوى الدولة، وهذا الإنجاز يدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال رفع كفاءة القطاعات الحيوية مثل الصناعة، والطاقة، والتكنولوجيا، وتعزيز البيئة التنافسية لقطاع الصناعة، مما يعزز من قدرة المنتجات والخدمات الإماراتية على الوصول للأسواق العالمية. كما يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين ويدعم استقطاب الاستثمارات الأجنبية، نظراً لوجود بيئة تنظيمية متطورة تعتمد على معايير عالمية.

أما على المستوى الدولي، فإن هذا الإنجاز يعزز مكانة دولة الإمارات كدولة رائدة في تطوير البنية التحتية للجودة، ويجعلها شريكاً استراتيجياً في تطوير قدرات البنية التحتية للجودة، وهذا الإنجاز يفتح الباب أمام تعزيز ومضاعفة مجالات التعاون الدولي مع الدول والمنظمات العالمية في مجالات مثل التقييس، والاعتماد، كما أن هذا التصنيف يعزز دور الإمارات في دعم المبادرات الدولية المتعلقة بالاستدامة والابتكار، ويجعلها نموذجاً للدول الساعية إلى تطوير أنظمة جودة متقدمة تخدم أهداف التنمية الشاملة.

يعود هذا التقدم إلى التطور المتواصل في قدرات المنظومة الإماراتية للبنية التحتية للجودة، ويعكس الثقة الدولية في المواصفات القياسية والتشريعات واللوائح الفنية وبرامج المطابقة في دولة الإمارات، والتي تتوافق مع أفضل الممارسات الدولية في الكفاءة والتنافسية والجودة الإنتاجية.

كيف يمكن لدولة الإمارات الاستفادة من هذا المؤشر لتعزيز تنافسية منتجاتها في الأسواق العالمية؟

تساهم منظومة البنية التحتية للجودة في تعزيز التبادل التجاري، وتقليل العوائق الفنية أمام التجارة، ودعم دور دولة الإمارات كشريك رئيسي في صياغة مستقبل البنية التحتية للجودة على المستوى الدولي، وتمتلك دولة الإمارات مواصفات وتشريعات تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، وهذه الجهود ساهمت في تحسين الكفاءة وتعزيز الثقة الدولية بالمنتجات الإماراتية، وسهّلت وصولها إلى الأسواق الدولية بفضل توافق المواصفات مع المعايير العالمية.

كما أن تطبيق المواصفات القياسية وتوَفُر عناصر البنية التحتية للجودة له تأثير إيجابي في خفض الكلفة، من حيث تحسين الكفاءة التشغيلية من خلال اتباع المواصفات القياسية، مما يساهم في تقليل الفاقد والهدر في الموارد، على صعيد المواد الخام أو وقت العمل، مما يؤدي إلى تقليص التكلفة المرتبطة بالإنتاج، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتج الوطني.

نقطة مهمة أخرى، وهي تعزيز ثقة المستثمرين في جودة المنتجات والصناعات المحلية، مما يزيد من جاذبية الدولة كوجهة استثمارية، إضافة إلى دعم الصناعات الوطنية من خلال تقليل التكلفة المرتبطة بالامتثال للمتطلبات الفنية، وهذا يعزز القدرة التنافسية للصناعات الإماراتية في الأسواق الدولية.

ما هي الخطط المستقبلية لدولة الإمارات لتعزيز مكانتها في مجال التقييس على المستوى الدولي؟

تتبنى دولة الإمارات خططاً استراتيجية لتعزيز مكانتها في مجال التقييس على المستويين الدولي والإقليمي، وتتمثل هذه الخطط في زيادة المشاركة الفاعلة في المنظمات الدولية للتقييس، مثل المنظمة الدولية للتقييس (ISO) واللجنة الدولية الكهروتقنية (IEC)، من خلال شغل مناصب قيادية وزيادة المشاركة في اللجان الفنية في المنظمتين (134 لجنة فنية/فريق عمل)، كما نركز على بناء شراكات ثنائية وإقليمية لتعزيز التعاون البناء، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة.

وتحرص الإمارات على تعزيز الابتكار في مجال التقييس، من خلال تطوير معايير تدعم التقنيات المتطورة كالذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وفي الوقت نفسه تستثمر الدولة في تأهيل الكفاءات الوطنية من الخبراء والمتخصصين في التقييس لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في اللجان الفنية الدولية. وتشمل هذه الجهود إطلاق عدد من البرامج والمبادرات والمشاريع النوعية، منها البرنامج الوطني للشباب المحترفين الذي يهدف إلى إعداد كوادر وطنية مؤهلة في مجال التقييس، وبرامج المطابقة، بالإضافة إلى المشاركة في البرنامج الدولي لبناء القدرات الشابة، كما تم تمكين العديد من الكفاءات الوطنية في مجال اللجان الدولية للمواصفات الكهربائية في اللجنة الكهروتقنية الدولية IEC لبناء القدرات الوطنية على المستوى الوطني وزيادة دور الدولة في تطوير المواصفات القياسية الدولية، وقد وصل عدد كبير من الشباب الإماراتي إلى مواقع قيادية في عدد من المنظمات الدولية، من خلال دعم الدولة لهم، وما يتميزون به من حيث القدرة والكفاءة وما تمثله خبراتهم من قيمة مضافة.

كما تسعى الإمارات إلى الترويج للمواصفات القياسية الوطنية على المستويين الإقليمي والدولي، خصوصاً في  بعض المجالات  التي وضعت الدولة لها بصمة مميزة كالحلال والاستدامة، لتكون نموذجاً يُحتذى به عالمياً. كما تعمل الإمارات على الاستفادة من الاتفاقيات الدولية في دمج متطلبات التقييس لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية، وتهدف كل هذه الجهود إلى ترسيخ ريادة دولة الإمارات في مجال التقييس الدولي ودعم مسيرتها نحو الابتكار والتنمية المستدامة.

كيف تنظرين إلى مساهمة أنشطة التقييس في دعم الاقتصاد الوطني والخليجي وتحقيق التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون؟

تُعد أنشطة التقييس عاملاً مسانداً في تعزيز الاقتصاد الإماراتي والخليجي، حيث تدعم جهود التكامل والتنمية المستدامة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مما يسهم في تعزيز التنافسية الاقتصادية، لأن المواءمة بين المواصفات تعزز التجارة البينية بين دول المجلس وتزيل العوائق الفنية أمام التجارة، وكذلك تخفض التكاليف على الشركات، وتضمن من جهة أخرى توافق المنتجات مع متطلبات الأسواق الخليجية.

ومن الجوانب المهمة أيضاً تعزيز جودة المنتجات والخدمات المقدمة للمستهلكين في الدول الأعضاء بهيئة التقييس الخليجية، حيث تُعد أنشطة التقييس أساسية في رفع جودة وكفاءة المنتجات في الأسواق، ولا شك أن الدول الأعضاء تتعاون بشكل وثيق في مجال التقييس، من خلال تنفيذ العديد من المبادرات المشتركة، التي تدعم التوجهات الاستراتيجية لاقتصادات المنطقة. ومن النماذج الرائدة في هذا المجال هيئة التقييس الخليجية، والتي تعمل على تبادل الخبرات، وتعزيز مكانة المنطقة كمركزٍ صناعي وتجاري موثوق وتنافسي.

ماهي النصائح التي توجهينها لأبناء الإمارات والدول الأعضاء بخصوص هذا المجال الحيوي؟

نحن في دولة الإمارات وانسجاماً مع توجيهات قيادتنا الرشيدة نعمل على تمكين الشباب حيث إن التقييس بكافة عناصره يوفر فرصاً استثنائية للشباب الإماراتي في بناء اقتصاد مرن ومستدام، وقد قطعنا بالفعل شوطاً كبيراً على صعيد التمكين، وتأهيل الكفاءات الإماراتية، وبناء قدرات عالية المهارة، واشراكنا العديد من الجامعات والمعاهد العليا في هذه التوجهات.

كما أننا جميعاً في الدول الأعضاء، نؤمن بأهمية تعزيز قدراتنا الوطنية من خلال الاستثمار في الشباب، فهم العامل الرئيسي لقيادة التحول المستقبلي نحو اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة، حيث تمثل الإمارات نموذجاً حيوياً حيث الدولة تساهم في البرنامج الوطني للشباب المحترفين للمنظمة الكهروتقنية الدولية IEC. كما تشارك الدولة سنويًا من خلال وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في مجال التقييس وبرنامج المطابقة لبناء القدرات الشبابية الوطنية وتمكينهم، وتم تخريج 19 شاباً إماراتياً من هذا البرنامج الدولي، كما فاز 5 شباب بمقعد قائد قارة آسيا والشرق الأوسط، لتصبح دولة الامارات أول دولة في المنظمة تفوز بمقعد قائد الشباب المحترفين أربع مرات على التوالي، مما يعكس قدرات الكوادر الوطنية في هذا المجال.

في نهاية هذا الحوار، لا يسعنا إلا أن نتقدم لك- سعادة الدكتورة فرح الزرعوني، وكيل الوزارة المساعد لقطاع المواصفات والتشريعات في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة- بجزيل الشكر والتقدير لكرم وقتك في الإجابة القيمة عن هذه الأسئلة، متمنين لك دوام التوفيق والنجاح، ولدولة الإمارات العربية المتحدة دوام الازدهار والرخاء.

– انتهى-

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.