جوائز التميز الوطنية.. بذرة الابتكار ومحرك التحول في الصناعة الكويتية

م. دعاء يوسف المضاحكة

0 6
اعلان المتجر

مع تسارع وتيرة العالم نحو عصر ما بعد الثورة الصناعية الرابعة، لم يعد التميز الصناعي ترفاً، بل أصبح التفوق الصناعي ضرورة وطنية واستراتيجية تنموية.

وفي دولة الكويت.. ومع تعاظم التحديات برزت جوائز التميز الوطنية كمنصة ريادية لا تكتفي بتكريم الإنجازات والمصانع الفائزة وإنما تزرع بذور الابتكار، وترسّخ ثقافة التحسين المستدام في المصانع الوطنية.

لقد ساهمت جائز صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه للمصانع المتميزة في السنوات الأخيرة في تحفيز المصانع الوطنية لتعيد تعريف معايير النجاح لديها، وتتجاوز مفاهيم الجودة التقليدية، متبنيةً نهجاً شمولياً يشمل الكفاءة التشغيلية، والاستدامة البيئية والتحول الرقمي، والاستثمار في الطاقات البشرية وتنمية قدراتهم.

ومن خلال عملي كمحكمة وطنية في دورتين متتاليتين، لمست عن قرب كيف تحولت هذه الجائزة إلى معملٍ وطنيٍ للتميز، حيث يتم استعراض أفضل الممارسات، وتحليل الفجوات، وإبراز القيادات الصناعية القادرة على التغيير، فكل مصنع يدخل المنافسة يخرج منها بخارطة طريق تطويرية بغض النظر عن فوزه، وهذا بحد ذاته نجاح للمنظومة بأكملها.

ولعل من أبرز القيم التي ترسخها الجائزة:

تحفيز التنافسية: حيث تدفع المصانع الوطنية لتبني مؤشرات واضحة، والتحرك نحو التميز المؤسسي.

تعزيز الهوية الوطنية: تسهم الجائزة في بناء صورة إيجابية للصناعة الوطنية أمام المستهلك والمستثمر.

نقل المعرفة: من خلال التقييم التفصيلي والتغذية الراجعة التي توفرها لجنة تحكيم الجائزة والتي تضم نخبة من مستشارين وخبراء وطنيين وكوادر فنية وإدارية رفيعة الكفاءة من الهيئة العامة للصناعة.

لكن التميز لا يأتي بمحض الصدفة، بل هو ثمرة مسار تراكمي مبني على قرارات استراتيجية جريئة، وممارسات مؤسسية ناضجة، واستثمار منهجي في الموارد البشرية والتقنيات الحديثة، حيث إن التجارب العالمية والمحلية أثبتت أن المؤسسات الصناعية التي حققت نقلة نوعية كانت تقف خلفها قيادات تبنّت ثقافة التميز كمنهج عمل وليس مجرد شعار.

وفي هذا الإطار تبرز مسؤولية صناع القرار، ليس فقط في دعم الجوائز الوطنية كمبادرات تشجيعية، بل أيضاً في دمجها ضمن خطط التنمية الوطنية بما يتماشى مع رؤية (كويت جديدة 2035) ومواءمة معاييرها مع الصناعة الذكية وممارسات الصناعة الخضراء.

ختاماً، فإن جوائز التميز ليست هدفاً نهائياً، ولا مجرد مناسبات تكريمية، بل منصة انطلاق نحو الأفضل، وكل مصنع يتجه نحو التميز يضيف لبنة في بناء اقتصاد وطني تنافسي ومتين يليق بمستقبل الكويت وأجيالها القادمة.

 

* كبير مهندسي مواصفات ومقاييس – الهيئة العامة للصناعة بدولة الكويت

محكمة وطنية لجائزة سمو أمير البلاد للمصانع المتميزة (الدورتين الخامسة والسادسة)

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.