يمر الغذاء بسلسلة طويلة ومراحل متعددة تبدأ بالمزرعة مروراً بالحصاد وعمليات الإنتاج والتعبئة والتغليف والحفظ والنقل والتخزين والتداول وانتهاءً بتحضير الطعام وتقديمه الى المائدة.
وترتبط هذه السلسلة ارتباطاً وثيقاً بعضها ببعض (سلباً أو إيجاباً) تحدد من خلالها مدى مأمونية وتحقيق سلامة المنتج من عدمه، وأي إخلال في هذه السلسلة كمنظومة واحدة قد تهدد سلامة ومأمونية الغذاء.
وتمثل المواصفات القياسية واللوائح الفنية أهمية بالغة كتشريع فني يضبط هذه العمليات ويتحقق من خلالها ضمان وصول غذاء آمن إلى المستهلك يشبع حاجاته ويلبي متطلباته ويحقق رغباته من حيث القيمة الغذائية والجودة والقوة الشرائية.
وللمساهمة في تحقيق هذه المنظومة فقد كان لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون وبالتعاون مع الدول الأعضاء دور ريادي يهدف إلى مساعدة مجلس التعاون على تحقيق أهدافه المنصوص عليها في كل من نظامه الأساسي والاتفاقيات الاقتصادية بين دول المجلس بتوحيد أنشطة التقييس المختلفة ومتابعة تطبيقها والالتزام بها بالتعاون والتنسيق مع الدول الأعضاء، كما يهدف الى إيجاد وتطوير مواصفات قياسية ولوائح فنية خليجية موحدة لقطاع الغذاء تساهم في حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة بحيث تغطي هذه المواصفات القياسية قطاعاً عريضاً ومهماً للمستهلك لمختلف السلع والمنتجات الغذائية زراعية او صناعية، وتساعد على تطوير القطاعات الإنتاجية والارتقاء بالصناعات الخليجية والمساهمة في الناتج المحلي وتنمية التجارة بين الدول الأعضاء والشركاء من خارج الدول الأعضاء، وكذلك تقليص العوائق الفنية للتجارة وبما يتماشى مع الممارسات الدولية وأهداف الاتحاد الجمركي الخليجي.
الهدف من اعتماد مواصفات قياسية في مجال الغذاء والتغذية
- تؤدي المواصفات القياسية واللوائح الفنية في مجال الغذاء دوراً هاماً وحيوياً يتمثل في:
- المحافظة على الأرواح والسلامة العامة من الآثار المباشرة والتراكمية التي يسببها الغذاء غير المطابق للمواصفات.
- الوقاية من جميع أنواع التلوث الميكروبيولوجى والكيميائي التي قد يتعرض لها الغذاء.
- منع حالات التسمم الغذائي وحماية الاقتصاد الوطني من الأضرار التي تترتب عليه.
- ضمان سلامة وجودة الغذاء من حيث احتوائه على العناصر المغذية والخواص الحسية.
- التأكد من سلامة ومشروعية المواد المضافة وبقايا المبيدات والأدوية البيطرية في الغذاء.
- حماية المنشآت الغذائية نفسها من المساءلات القانونية والتعويضات التي قد تتكبدها.
وتتم عملية إعداد المواصفات القياسية للغذاء وفقاً لــ:
- احتياجات الصحة وسلامة ومأمونية الغذاء، واحتياجات المستهلك، الأداء، البيئة.
- تلبية متطلبات: الصناعة، الاستيراد، التصدير، المشتريات العامة، التبادل التجاري.
- تتماشى مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
- الأخذ بالاعتبار كل الأمور الشرعية الدينية والأخلاقية والأمنية والبيئية للدول الأعضاء.
مساهمات الهيئة في إعداد مواصفات الغذاء
تحقيقاً للدور الريادي لهيئة التقييس فقد تكللت جهودها في إصدار أكثر من (1700) مواصفة قياسية ولائحة فنية خليجية لقطاع الغذاء، تُغطي مختلف السلع والمنتجات الغذائية منها مواصفات عامة ومنها مواصفات خاصة شملت مجال القواعد العامة وشروط صحة الغذاء، بطاقات البيانات الإيضاحية، فترات الصلاحية، المتطلبات والشروط العامة، الحدود والمعايير الميكروبية للأغذية، المواد المضافة بأنواعها وحدود الملوثات والسموم وبقايا المبيدات، مساعدات التصنيع، التعبئة والتغليف، النقل والتخزين، أخذ العينات، وطرق الفحص والاختبار، مفاهيم ومصطلحات، أدلة ارشادية… الخ.
من يقوم بإعداد المواصفات القياسية الخليجية؟
يقوم بإعداد المواصفات القياسية الخليجية اللجان الفنية الخليجية المتخصصة في تطوير المواصفات القياسية الخليجية لمختلف القطاعات والمجالات، وتشمل في قطاع الأغذية فقط اللجان التالية:
- اللجنة الفنية الخليجية للمواصفات الغذائية والزراعية (لجنة رئيسية).
- اللجنة الفنية الفرعية الخليجية لمواصفات بطاقات الأغذية.
- اللجنة الفنية الفرعية الخليجية لمواصفات المواد المضافة وملوثات الأغذية.
- اللجنة الفنية الفرعية الخليجية لمواصفات الأغذية العضوية والوظيفية والمحورة وراثياً.
- فريق العمل الخليجي للأغذية الحلال (سابقاً) ، والذي تم إلغاؤه وتوسيع نطاق العمل ليشمل مختلف المجالات المتعلقة بالحلال من خلال تشكيل لجنة فنية رئيسية جديدة هي اللجنة الفنية الخليجية لمواصفات منتجات الحلال وخدماته.
ويمثل اللجان الفنية الخليجية أعضاء متخصصين ومؤهلين فنياً يمثلون جميع الدول الأعضاء في أجهزة التقييس والجهات المعنية (عضو عامل، عضو مراقب، عضو مؤازر)، ويبذل الأعضاء جهوداً كبيرة في إنجاز مشاريع المواصفات القياسية ومواكبة التطورات والمتغيرات الحاصلة في مجال تكنولوجيا سلامة الغذاء على المستوى الإقليمي والعالمي.
كما تعمل الهيئة وأعضاء اللجان الفنية جاهدة في إنجاز مواصفات قياسية موحدة تحقق الأهداف المنشودة، إضافة إلى قيام اللجان بمراجعة المواصفات السابقة وتحديثها وتعديلها وفقاً للخطط السنوية والإجراءات المنظمة لذلك مستندة في إجراءات عملها على أدلة عمل فني معتمدة وبما يتماشى مع الممارسات الدولية في هذا الشأن.
وتعتبر اللجان الفنية الخليجية أداة فاعلة وملتقى فني لمساهمة المختصين بخبراتهم في صنع مواصفات قياسية خليجية موحدة، بحيث تتم بأسلوب العمل الجماعي والاتفاق العام على جميع المستويات وبهدف تحقيق الجودة العالية في الصناعة الخليجية للغذاء وتأسيس قاعدة للتنافس المقنن والحد من العوائق الفنية في التجارة.
تعزيز مشاركة الأطراف المعنية في تطوير المواصفات
تحرص هيئة التقييس والدول الأعضاء على أهمية مشاركة الأطراف المعنية في إعداد وتطوير المواصفات القياسية الخليجية لمختلف القطاعات وفي مقدمتها قطاع الغذاء وذلك من خلال المشاركة في أعمال اللجان الفنية. وتؤمن الهيئة بأن رفع جودة المواصفات القياسية الخليجية ونجاح وضمان تطبيقها هو مساهمة مختلف الأطراف المعنية وأصحاب المصلحة في إعداد مشاريع المواصفات القاسية واللوائح الفنية الخليجية لا سيما وأن هذا الإجراء متوافق تماماً مع الممارسات الدولية في إعداد المواصفات القياسية، وتحقيقاً للشراكة الدائمة والمستدامة.
وتتيح الهيئة مشاركة الأطراف المعنية والمهتمة بالمواصفات بما فيها القطاعين العام والخاص (Stakeholders) وذلك عبر أجهزة التقييس الوطنية بالدول الأعضاء من خلال:
- المشاركة في أعمال اللجان الفنية أو الفرعية الخليجية أو فرق العمل التابعة لها (عضو مؤازر).
- المشاركة في أنشطة اللجان الفنية الوطنية بالدول الأعضاء والمناظرة للجان الفنية الخليجية.
- تمكينهم من اقتراح مشاريع المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية التي لها أولوية عالية وحاجة ماسة.
- تسهيل حصولهم على نسخ من مشاريع المواصفات القياسية قيد الإعداد.
- عقد فعاليات مشتركة واجتماعات ولقاءات مخصصة.
- المساهمة بدراسة مشاريع المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية وإبداء الملاحظات الفنية عليها خلال الفترة المحددة لذلك.
نموذج الإخطار الموحد
وتسهيلاً لضمان تطبيق لوائح فنية دون عوائق فنية وقبولها من جميع الأطراف بما فيها أعضاء منظمة التجارة العالمية فقد حرصت هيئة التقييس إلى الاتفاق مع منظمة التجارة العالمية (WTO) ولجنة العوائق الفنية للتجارة (WTO\TBT) ولجنــــــــــة التدابيـــــــر الصحيــــــة والصحـــــة النباتية (WTO\ SPS) باعتماد إخطار موحد عن اللوائح الفنية الخليجية التي يتوجب الالتزام بها (GSO TRs Notification) كنموذج واحد يمثل جميع الدول الأعضاء بالهيئة، وقد حقق هذا الاتفاق العديد من المزايا نذكر منها:
- ساهم في تقليل الوقت والجهد المطلوب من الدول الأعضاء عند الإخطار الفردي.
- إخطار موحد بدلاً من 7 إخطارات متماثلة، قد تؤدي إلى حدوث لبس لدى أعضاء المنظمة.
- تجنب العمل المكرر غير الضروري.
- توحيد الفترة الزمنية للإخطارات.
- تلقي الملاحظات الفنية وسرعة الاستجابة لها.
- الرد الموحد من الدول الأعضاء على الملاحظات الواردة على الإخطارات.
- سهل كثيراً في متابعة الاخطارات.
- ساهم في تسريع إنجاز مشاريع اللوائح الفنية الخليجية.
ولم يقتصر اهتمامات هيئة التقييس على على هذا الجانب فقط، وإنما تساهم الهيئة بشكل كبير في المشاركة مع الدول الأعضاء على المستوى الوطني لبعض المواضيع المتعلقة بالغذاء، كما تشارك بفاعلية في اللجان الأخرى المنبثقة عن أمانة مجلس التعاون ومؤسساته منها على سبيل المثال لا الحصر:
- عضوية الهيئة في اللجنة الخليجية لسلامة الأغذية.
- المشاركة في وضع قانون (نظام) الغذاء الخليجي الموحد.
- المشاركة في فريق عمل لوضع نظام الإنذار الخليجي السريع للغذاء.
- المشاركة في وضع الدليل الخليجي للرقابة على الأغذية المستوردة عبر منافذ دول مجلس التعاون الخليجي.
- المشاركة في فريق عمل وضع آليات تطبيق دليل إجراءات الرقابة على الأغذية المتداولة في الاسواق.
- المشاركة في فريق عمل تحديث شهادة الصلاحية لتصدير المنتجات الغذائية.
- المشاركة في اللجنة الخليجية للتغذية والمغذيات الدقيقة المنبثقة عن مجلس الصحة الخليجي.
- المشاركة في اللجنة الخليجية لمكافحة التبغ المنبثقة عن مجلس الصحة الخليجي.
- المساهمة في تنظيم ورش عمل تعريفية ودورات تدريبية في مختلف المجالات المرتبطة بالصحة والغذاء، وسلامة الأغذية.
ولا شك أن استمرار هيئة التقييس في مواكبة المستجدات والتطورات العلمية والفنية والإجرائية لضمان سلامة ومأمونية الغذاء، هو الدور المهم والملموس، كما يظل المؤمل من الجهات المعنية في الدول الأعضاء بذل مزيد من التعاون المشترك في موائمة وتوحيد تطبيق المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية للغذاء، والاستمرار في تصميم وتطوير منظومة تشريعات لوائح فنية موحدة وتطبيق موحد يحقــــــق أهداف العمل الخليجي المشترك، وتحمي المستهلك وتتناسب مع السوق وتتوافق مع الممارسات والمبادئ الدولية.
* رئيس قسم المواصفات – هيئة التقييس