يوم الاعتماد العالمي

م. سارة الجاسم

0 597
اعلان المتجر

برز دور الاعتماد مؤخراً كلاعب أساسي ومؤثر في السياسة الاقتصادية على المستويين الوطني والدولي، واحتلت أجهزة الاعتماد مكاناً في البُنى التحتية للجودة في أغلب دول العالم، حيث كان لها الأثر الواضح في منح الثقة في الخدمات والمنتجات لكل من الجهات التشريعية والرقابية في الدول وكذلك المستهلكين.

وبغرض عرض جوانب هذا الأثر الإيجابي على البُنى التحتية للجودة في العالم لتستفيد منها سائر الدول الأخرى، فقد خصصت المنظمتين الدوليتين للاعتماد وهما المنظمة الدولية لاعتماد المختبرات (ILAC) والمنتدى الدولي للاعتماد (IAF) يوم التاسع من يونيو من كل عام للاحتفال بما يعرف باليوم العالمي للاعتماد (WAD) حيث يتم في هذا اليوم إطلاق شعار للعام ليكون بداية لحملة توعوية حول قضية من القضايا الاقتصادية، وتتابعت الشعارات في السنوات الماضية لتشمل موضوعات منها سلامة الغذاء ومياه الشرب، والطاقة، والرعاية الصحية والاجتماعية، والأمن، وإضافة قيمة لسلاسل الإمداد، وارتبطت الشعارات في السنتين الماضيتين بدعم أهداف التنمية المستدامة، والاستدامة في النمو الاقتصادي والبيئة، وامتد منها شعار هذا العام بعنوان: “الاعتماد يدعم مستقبل التجارة الدولية”.

وتم اختيار هذا الشعار لتسليط الضوء على التغييرات الجذرية التي طرأت على التجارة الدولية، وكيف أن الاعتماد ما زال يستجيب للاحتياجات الناتجة عن هذه التغييرات من أجل تسهيل حركة التجارة، ودعم مستقبل هذا النظام الدولي.

ولعل المنشور الذي أصدرته المنظمتين الدوليتين للاعتماد تضمن محوراً حول هذه التغيرات التي جعلت التدقيق على المنتجات وفحصها عن طريق أدوات تقييم المطابقة المعتمدة من قبل أجهزة الاعتماد التي تعمل وفقاً لنظام الاعتراف الدولي أمراً حتمياً، وذلك بسبب تعقد سلاسل الإمداد والاختلافات التشريعية لكل دولة، والنزاعات المسلحة والجائحة الدولية التي أثرت على موارد المواد الخام وغيرت الأساليب المعمول بها لتقييم الجودة، وظهور التكنولوجيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي مما أدى لظهور تحديات الأمن السيبراني وحماية البيانات والاحتيال، بالإضافة إلى زيادة وعي المستهلك في قضايا الاستدامة ومنشأ المنتج والصحة والأخلاقيات مما يجبر أصحاب الأعمال على زيادة وعيهم بشبكة الإمداد الخاصة بهم، وأخيراً فإن أثر الشفافية التي قدمتها التكنولوجيا الحديثة والاتصالات غيَّر معادلة كسب الثقة بالنسبة لأصحاب الأعمال.

لذلك كان واجباً على جميع العناصر العاملة في الصناعة اتخاذ ما يلزم للاستجابة لهذه التغيرات، وتلبية احتياجات المستهلك، وبذلك فإن التقييس، والمترولوجيا، والاعتماد يشكلون معاً أساس التجارة الدولية، والأداة التي أثبتت فعاليتها في تسهيل حركة المنتجات والخدمات عبر الحدود الدولية، وذلك من خلال تعيين نقطة مرجعية واحدة لإثبات الجودة تغني عن إعادة الاختبار، أو التفتيش، أو منح الشهادات وعلامات الجودة أو غيرها، مما يقلل التكاليف ويقلل كذلك وقت وصول المنتجات من المصانع إلى الأسواق المختلفة.

وقد تكيفت أجهزة الاعتماد وهيئت أنظمتها وما زالت، وذلك تماشياً مع التغيرات في الصناعة والابتكارات، والتي أتاحت أدوات جديدة مثل تكنولوجيا العمل عن بعد التي برز دورها خلال جائحة كورونا وغيرت من أنظمة التقييم الدولية، وكذلك فقد أطلق المنتدى الدولي للاعتماد أداة بحث وهي IAFCertSearch وهي قاعدة بيانات دولية تثبت من خلالها صحة الشهادات الصادرة تحت مظلة المنتدى الدولي للاعتماد (IAF)، بالإضافة إلى الكثير من الابتكارات الأخرى.

وفي نفس هذه الفترة فإن الجهاز العربي للاعتماد (آراك – ARAC) يحتفل مع أعضائه من أجهزة الاعتماد في الدول العربية بالأسبوع العربي للاعتماد من الخامس وحتى التاسع من يونيو تزامناً مع الاحتفال الدولي، ويقوم خلال هذه الفترة بتنظيم ورش عمل للعاملين في هذا المجال لتوعيتهم حول المواضيع المختلفة المتعلقة بالاعتماد، ومناقشة تحسين الدور الإيجابي للاعتماد والذي ينعكس على جودة المنتجات والخدمات في المنطقة العربية.

ويحرص قسم شئون الاعتماد تحت مظلة الهيئة العامة للصناعة في دولة الكويت على ترجمة المنشورات الخاصة بهذا الاحتفال السنوي إلى اللغة العربية وتوعية المستفيدين والجهات التشريعية بهذا الدور البناء، كما يحرص القسم على المساهمة الإيجابية في المنظومة الدولية للاعتماد، وكذلك دعم تبني كل ما يضيف قيمة للبنية التحتية للجودة في دولة الكويت، وتوعية جهات تقييم المطابقة في القطاعين الحكومي والخاص حول الأثر الإيجابي لأنظمة تقييم المطابقة المعتمدة على جميع الأطراف المستفيدة وأهمها المستهلك.

*رئيس قسم شئون الاعتماد بالتكليف – الهيئة العامة للصناعة في دولة الكويت

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.