يمكننا الانطلاق من اعتبار أن سوق المنتجات والخدمات الحلال ليست سوى مجرد تقليد مخترع، فهل نجزم بأنها مجرد سوق سريعة النمو تعززها المفاهيم الدينية للمسلمين؟
تعتبر السوق الحلال سوقاً نامياً ومهماً على مستوى العالم، حيث يتزايد الطلب على المنتجات والخدمات الحلال من قبل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، إذ تجاوز مفهوم المنتجات الحلال جانبه الديني والشرعي ليدخل في دائرة المنتجات والخدمات ذات الجودة العالية والصحية والمستدامة والتي تعكس صورة إيجابية جداً عن الإسلام والمسلمين.
تطورت القوة الاستهلاكية للمنتجات الحلال إلى ما هو أبعد من القوة الإسلامية التقليدية التي يسيطر عليها المسلمون بنسية طفيفة تزيد عن 20% من سكان العالم حيث يعيش معظمهم في قارة آسيا.
ويشمل سوق الحلال مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات، بما في ذلك الأغذية والمشروبات والمستحضرات التجميلية والسياحة والضيافة والخدمات المالية والنقل الجوي… وغيرها. وتعتمد الفرص المتاحة في سوق المنتجات الحلال على القطاع الذي تعمل فيه الشركة.
ويمكن أن تشمل الفرص المتاحة أيضاً، تصدير المنتجات الحلال إلى الأسواق العالمية واستقطاب المستهلكين المسلمين وغير المسلمين لقطاعات الخدمات الحلال، مما ينشط الأسواق الاقتصادية للبلدان المسلمة المنتجة أو المقدمة لخدمات الحلال في إطار ترويجي تقليدي ومخترع. كما يمكننا التطرق إلى فرص الاستثمار في تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق الحلال.
وعليه، من المهم أن تكون كل القطاعات على دراية بالمواصفات القياسية واللوائح الفنية للمنتجات والخدمات الحلال المحددة في الأسواق المستهدفة، ويجب على الشركات الراغبة دخول هذه الأسواق أن تضمن توافق منتجاتها وخدماتها مع هذه المواصفات. كما يمكن لهذه الشركات أيضاً الاستفادة من الدعم والموارد المتاحة من الهيئات الحكومية والمنظمات ذات الصلة لتطوير وتسويق منتجاتها الحلال في الأسواق العالمية.
ويلاحظ أن سوق الحلال يهيمن على 16٪ من التجارة العالمية، ويتطور سنويًا بنسبة 10٪، فهو سوق مزدهر يستمر في التطور تقنيًا ويتوسع جغرافيًا في ضوء الطلب المتسارع على المنتجات الحلال في الدول الإسلامية وغيرها، مع العلم أن الأخيرة تحتكر حوالي 85% من السوق الحلال العالمي.
مركز التجارة العالمي – 2015
مع استمرار تطور المشهد العالمي للتجارة، فإننا نرى أنماطاً جديدة من الإنتاج والتجارة اعتماداً على تنوع وتطور الوعي لدى شريحة المستهلكين في العالم، ويمكن اعتبار السوق الحلال العالمي سوقاً أو نمطاً جديداً من التجارة وتداول السلع بين بلدان العالم، إذ يعتبر نموذجاً تجارياً جديداً فعالا.
تعتمد هذه السوق العالمية على احتياجات وتفضيلات ما يقدر بنحو 1.6 مليار مسلم حول العالم. ومع هذه المعطيات يمكن القول إنها سوق جديدة وقوية من ناحية تداول المنتجات والخدمات فيها.
وتخلق هذه السوق الفرص الكبيرة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الموجودة في الأسواق النامية، إذ يمثل حجم التداول في هذه السوق 1 تريليون دولار أمريكي إذا اعتبرنا فقط سوق القطاع الغذائي.
وتجلب هذه السوق انتباه كل واضعي سياسات واستراتيجيات الأسواق التجارية في العالم نظراً للإمكانيات الكبيرة لهذه السوق.
وظلت السوق العالمية الحلال لسنوات عديدة مجهولة، وفي هذا الصدد يمكن اعتبارها ساحة تجارية في تطور مستمر. وفي الواقع يعتبر نموذج سوق جديد يتخطى الحدود الجغرافية والثقافية وحتى الدينية.
والسوق الحلال عبارة عن PUZZEL لا تزال معايير تحديدها متوسعة ومتغيرة بناءاً على الافتراضات الثقافية والعادات والتفضيلات والتفسيرات المختلفة للقانون والطبيعة العالمية لسلاسل توريد المنتجات الغذائية. إضافة إلى هذا التعقيد من المفيد التركيز على العوامل والقوى التي تدفع بهذه السوق إلى الامام اعتماداً على وعي المستهلك المسلم أو غير المسلم وهذا هو التحدي المفروض اكتسابه والعمل عليه.
ويعتبر أيضاً من الضروري التركيز مع الشركات الصناعية أو الخدماتية ودورها النافذ في تطوير سوق الحلال من مجرد سوق متخصصة إلى سوق عالمية تشمل كل مكونات سلسلة القيمة المتعلقة بها. حيث تلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً.
*خبيرة جودة بالهيئة العامة القطرية للمواصفات والتقييس