المواد المضافة للأغذية.. والمنتجات الغذائية الحلال

م. باسم حمد الطراونه *

0 4٬029
اعلان المتجر
مقدمة عن المواد المضافة للأغذية:

لا بد أن نعترف بدايةً أن التطور الصناعي الكبير في مجال الغذاء جعل من المحتّم علينا كمستهلكين أن نتناول جزءاً كبيراً من طعامنا كمنتجات غذائية مصنعة أو معالجة أو محفوظة، مجمدة، معلبة، مجففة أو على شكل مسحوق أو مركزات وقد تكون مخلوطة مع منتجات غذائية أخرى تغير من طبيعتها الغذائية الأصلية أو تحتوي على الكثير من المواد المضافة للأغذية. وقلما نجد بطاقة بيان منتج غذائي لا تتضمن المواد المضافة الحافظة أو الملونة أو المثخنات أو المواد المالئة أو محسنات النكهة أو المحليات الاصطناعية أو المستحلبات أو المثبتات أو المواد الحافظة أو غيرها من المواد المضافة.

ولضبط هذا التدفق الكبير من المواد المضافة في الأغذية والسيطرة عليها فقد قامت اللجان الفنية الخليجية المتخصصة والمشكلة تحت مظلة هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدراسة موضوع المواد المضافة المسموح بها في الأغذية من عدة جوانب أهمها تقييم وتحديد المواد المضافة المسموح بإضافتها للأغذية والحد الأقصى المسموح به منها وقطاعات الأغذية التي يُسمح باستخدام هذه المواد المضافة لها، بالإضافة إلى مدى موافقة هذه المواد المضافة المسموحة لمتطلبات أحكام الحلال في الشريعة الإسلامية، ولمتطلبات السلامة والصحة بحيث تكون آمنة وسليمة للاستهلاك البشري، بهدف تسهيل عمل الجهات الإنتاجية في التصنيع الغذائي، وكذلك مساعدة جهات منح شهادات الحلال المعتمدة في مختلف دول العالم في عملية التحقق والتثبت من المكونات قبل منح أو حجب شهادة الحلال للمنتجات الغذائية التي تحتوي في جلها على المواد المضافة؛ إذ لا يكاد يخلو منها منتج غذائي إلا فيما ندر.


وقبل أن نبدأ في بحث كيفية التحقق والتثبت من حلية هذه المواد المضافة لا بد لنا من أن نعرج على تعريف المواد المضافة، فقد عرفت المواصفة القياسية الخليجية رقم GSO 9: بطاقات المواد الغذائية المعبأة، المضاف الغذائي (Food additive) بأنه: “أي مادة لا تستهلك عادةً كغذاء قائم بذاته ولا تعتبر مكوناً تقليدياً في الغذاء، سواءً كانت لها قيمة غذائية أم لا، إلا أنها تُضاف عادةً إلى الغذاء لأسباب تقنية أثناء عمليات التصنيع والتحضير والمعالجة والتعبئة والتغليف والنقل والتخزين، وتشمل الصفات الحسية مما يؤدي إلى أن تصبح هذه المواد أو منتجات تحللها جزء من المادة الغذائية، ولا يشمل هذا المصطلح الملوثات أو المواد المضافة إلى المنتج الغذائي أو المواد المستخدمة في عمليات تدعيم القيمة الغذائية”.

طرق التحقق والتثبت من كون المواد المضافة للأغذية حلال:

نظراً لقصور المعلومات والدراسات المنشورة في هذا المجال وخضوعها للكثير من الاجتهادات الشخصية في نمط العمل السائد لدى الكثيرين، كان لا بد من وضع منهجية واضحة وشفافة للتحقق من هذه المواد المضافة للأغذية وذلك للتسهيل على العاملين في القطاع الإنتاجي أو جهات إصدار شهادات الحلال أو العاملين في جهات الاعتماد أو جهات التفتيش أو الجهات الرقابية أو التشريعية.

أ‌) التحقق من مأمونية المواد المضافة للأغذية:

لا بد لنا من ضمان مأمونية المواد المضافة للأغذية، وإن كنا هنا لسنا بصدد البحث في الأحكام الشرعية البحتة التي تعالجها الشريعة الأسلامية وإنما نناقش الجانب الفني ونحاول ربطه مع القواعد الشرعية في تحقيق المصالح وجلب المنافع، انطلاقاً من القاعدة الفقهية التي تقول “أن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار التحريم”، وكل ما ثبت ضرره فهو الحرام، وكل مضرة ومفسدة الأصل فيها التحريم والمنع.

وعليه فيفترض أن يتم تقييم المواد الغذائية المسموحة في الأغذية ومعرفة مدى ضررها على صحة وسلامة المستهلكين، وهل هي مسموحة الاستخدام في المادة الغذائية وهل يتم إضافتها بالقدر المسموح به أم تتجاوز الحدود القصوى المقررة للاستخدام، وفي هذا السياق فقد حددت المواصفة القياسية الخليجية رقم 2500 GSO: المواد المضافة المسموح باستخدامها في المواد الغذائية، حيث تستند هذه المواصفة القياسية بالإضافة إلى التشريعات الأوروبية على قوائم مواصفة هيئة الدستور الغذائي الدولية Codex Alimentarius رقم CODEX STAN 192 : GENERAL STANDARD FOR FOOD ADDITIVES، وهي أعلى هيئة دولية معترف بها في هذا المجال، وهذه القوائم قد تم تقييمها من قبل لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة الغذاء والزراعة الدولية FAO)) ومنظمة الصحة العالمية(WHO) بشأن الإضافات الغذائية والتي يُطلق عليها اختصاراً لجنة (JECFA) والتي عملت على مدى عشرات السنين على تقييم مأمونية هذه المواد المضافة للاستخدام الآدمي.

إذا،ً يمكن القول أن المواد المضافة المذكورة في المواصفة القياسية الخليجية الخاصة بالمواد المضافة المسموح باستخدامها في المواد الغذائية آمنة الاستخدام ومصرح بها إذا تم الالتزام بعدم تجاوز الحدود القصوى لهذه المواد المضافة، كما نصت المواصفة القياسية الخليجية رقم GSO 2055-1: المنتجات الحلال – الجزء الأول: الاشتراطات العامة للأغذية الحلال، على حظر استخدام “كافة المواد المضافة للأغذية ومنتجاتها ومشتقاتها السامة أو الضارة بالصحة أو المفترة (المخدرة)، أو المشتقة من مواد غير حلال”.

ب‌) البحث عن مصدر المادة المضافة:

الجانب الثاني هو البحث عن مصدر المادة المضافة وكذلك مصدر المواد الداخلة في تركيبها هل هي نباتية أم حيوانية أم صناعية أو مختلط بين كل هذه العناصر أو من مصدر معدل وراثياً حيث يجب في هذه الحالة معرفة نوع التعديل الجيني الذي تم، وهل هذا التعديل مباح من وجهة نظر الشريعة الإسلامية أم لا، وكذلك التحقق من مسألة أن مصدر هذه المواد المضافة من لحوم أو مشتقات أو مستخلصات حيوانات مباحة يجوز تناولها من قبل المسلمين، ومعرفة هل تم ذبح هذه الحيوانات وفقاً لأحكام التذكية في الشريعة الإسلامية، ونخص هنا تحديداً المواد المضافة التي يدخل ضمن مكوناتها الجيلاتين والدهون الحيواني، ومعرفة طريقة تصنيعها بحيث نضمن خلوها من النجاسة التي حرمتها الشريعة الإسلامية.

ولمعرفة مصدر هذه المواد المضافة يمكن اللجوء إلى واحدة أو أكثر من هذه الطرق:

1. الاطلاع على الدراسات والأبحاث والكتب العلمية الموثوقة لمعرفة طبيعة هذه المواد ومصدرها ومكوناتها وطريقة تصنيعها وطرق استخلاصها.
2. دراسة الوثائق المقدمة من الشركات المصنعة بعناية وتأني، والتي يجب أن تكون مدعمة بالوثائق العلمية ودراسات تقييم المخاطر لهذه المواد وقوائم بمكوناتها وطريقة تصنيعها ومصدرها ووثيقة تصريح (declaration) ذاتي موقع بالتعهد بخلوها من كل ما يخالف الشريعة الإسلامية في حال عدم حصولها على شهادة حلال من جهة إصدار شهادات حلال معتمدة.
3. البحث عبر قاعدة بينات هيئة الدستور الغذائي الدولية التي تتضمن نافذة “JECFA specifications” والتي يمكن العثور عليها عبر الرابط الالكتروني: اضغط هنا
4. البحث من خلال محركات البحث المتعددة مثل جوجل (Google) أو موسوعات الويكيبيديا على سبيل المثال لا الحصر أو غيرها من قواعد البيانات والمعلومات لجمع أكبر قدر من البيانات والمعلومات عن هذه المادة المضافة.
5. اللجوء إلى الخبراء والمستشارين والعاملين في هذا المجال من ذوي الخبرة الطويلة والاختصاص والاستفادة من خبراتهم في هذا المجال.
6. اللجوء إلى مرجعيات الفتوى الرسمية في دول الخليج العربية للحصول على الرأي الشرعي بشأن أي مادة مضافة بعد توضيح كل ما يتعلق بهذه المادة من كافة الجوانب الفنية.

وأخيراً تبقى مسؤولية جهات إصدار شهادات الحلال المعتمدة كخط دفاع أول في التأكد من كون المادة المضافة حلالاً أم حراماً للتمكن من اتخاذ القرار اللازم باعتماد هذه المادة للاستخدام في المنتجات الحلال أم لا، وتقع على عاتقهم المسؤولية القانونية في البحث والتحري والدقة في منح أو حجب شهادة الحلال لأي منتج غذائي يحتوي على مواد مضافة للأغذية، لضمان تقديم منتجات حلال متوافقة مع متطلبات الحلال في الشريعة الإسلامية.

*خبير مواصفات غذائية – هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس.

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.