المواصفات القياسية تحكم العالم

طه عبد الله العامري *

0 777
اعلان المتجر

تُعد المواصفات القياسية أداة أساسية ومرجعية هامة في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات، حيث يسعى الجميع إلى بذل المزيد من الجهود من أجل تطبيقها كي يتمكن من تسويق منتجاته وخدماته بالشكل الذي يُرضى المستهلك ويكسب ثقته وينال رضاه، وفي نفس الوقت يُحقق مكاسب مادية تسهم في تطوير المنتج /الخدمة والمنافسة إلى خارج الحدود باعتبار أن العالم أصبح قرية واحدة.

تلعب المواصفات القياسية واللوائح الفنية وأنظمة التقييس بشكل عام دوراً أساسياً في حركة التجارة البينية للمنتجات باعتبارها لغة تفاهم ووسيلة اتصال مع كافة الحلقات المتعاملة مع المنتج ومدخلاته ومن أكثر الوسائل قبولاً لدى كافة شرائح المجتمع كونها تعتمد على الشفافية في وصف المنتج أثناء عمليات الإنتاج كالأبعاد والأوزان والأحجام ووصف المواد المستعملة في المنتج مثل الخواص الطبيعية والكيميائية والهندسية وطريقة الإنتاج والقياس والمعايرة المطلوبة لاختبار المنتج، وتحدد نوعيات التحضير والتجهيز المطلوبة، وكيفية التخزين والنقل والتداول ونسب التفاوت المقبولة في المنتجات، والتي يمكن أن يستفاد منها في تحديد درجة جودة المنتج.

ومن هذا المنطلق ازداد اهتمام الدول بالمواصفات القياسية واستشعرت أهمية وجود أجهزة للتقييس تتولى عملية تنظيم الأنشطة الرئيسية الخاصة بالتقييس، فقامت بإنشاء وتطوير أجهزة وطنية خاصة بالتقييس تهدف إلى وضع التشريعات المتمثلة بالمواصفات القياسية واللوائح الفنية للسلع والمنتجات والقيام بالرقابة على تطبيقها حماية للمستهلك والاقتصاد والبيئة.

واستكمالاً لمسيرة نشاط أجهزة التقييس الوطنية في هذا المجال فإنها ومع اختلاف طرق وأولويات العمل في خطط التشريع ولإعداد للمواصفات القياسية من دولة إلى أخرى إلا إنها تتفق جميعها من حيث المبدأ على تعزيز الشراكة بينها وبين أجهزة التقييس الإقليمية والدولية من أجل توحيد العمل المشترك في مجال إعداد المواصفات القياسية واللوائح الفنية لمختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والتزاماً بمتطلبات التقييس وأنظمته الفنية خدمة للاقتصاد وإزالة العوائق الفنية أمام التجارة وحتى يسهل خوض غمار المنافسة داخل الأسواق العالمية.

وترجمةً لأهمية ودور التقييس بشكل عام وللاهتمام به عالمياً فقد خصص العالم يوماً سمي باليوم العالمي للمواصفات الذي يصادف يوم 14 أكتوبر من كل عام، وهو ذكرى تأسيس المنظمة الدولية للتقييس ISOالتي تم إنشاؤها في عام 1947م، حيث يتم اختيار شعار يحتفل به من قبل أجهزة التقييس في جميع دول العالم. ولمكانة المواصفات القياسية ودورها الكبير في حكم العالم اقتصادياً وباعتبارها أيضاً ركيزة أساسية للتنمية والتقدم في جميع مجالات الحياة المعاصرة فقد جعلها العالم في سلم أولوياته حيث كان شعار احتفاله باليوم العالمي الثامن والأربعين للمواصفات 2017م “المواصفات القياسية.. تجعل المدن أكثر ذكاء” والذي ركز فيه على الدور الكبير للمواصفات القياسية في جعل المدن أكثر ذكاءً من خلال توفير مياه شُربٍ كافية، وغذاء صحي والحفاظ على بيئة نظيفة والسفر بكفاءة من مكان إلى آخر والسلامة والأمن. كذلك أتى احتفال هذا العام 2020م باليوم العالمي للمواصفات تحت شعار “حماية الكوكب بالمواصفات” ليجسد كذلك أهمية ودور المواصفات القياسية في حياتنا العامة، فهي التي تساعد على تعزيز الشعور بالأمان في كل ما نستهلكه من مواد غذائية أو أجهزة كهربائية وإلكترونية، وفي مجال التصنيع والتجارة والنقل والتخزين وكافة الخدمات، فالمواصفات القياسية هي وسيلة واقعية عملية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول والشعوب، كما إنها تسهم في حماية الكوكب من خلال توفير الطاقة وجودة المياه والهواء وتقليل الأثر البيئي للإنتاج الصناعي وتسهيل إعادة استخدام الموارد المحدودة وتحسين كفاءة الطاقة والتقليل من التأثيرات السلبية على الإنسان والبيئة.

وتعتبر المواصفات القياسية صمام أمان للمستهلك ومدخلاً أساسياً لتسهيل التبادل التجاري وزيادة الثقة بالسلع والمنتجات وتقديم الخدمات والحفاظ على البيئة، ويُعد الاحتفال باليوم العالمي للمواصفات وسيلة للإشادة بالجهود المشتركة التي تبذلها هيئات التقييس وآلاف الخبـراء والمتخصصون في جميع أنحاء العالم في المساهمة في إعداد المواصفات القياسية الدولية، كما أنه يعتبر فرصة لمزيد من الاهتمام بهذا المجال من قبل أجهزة التقييس الوطنية والإقليمية والدولية حتى تظل ذاكرة المستهلك والتاجر والمُصنع على علاقة وطيدة به، ويصبح في دائرة اهتماماته واهتمام الأجيال القادمة.

*رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام بالهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة

اعلان المتجر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.